صفحة جديدة 2
 
 
العودة   مجلس قبيلة الفضول التوثيقي الرسمي الأول - وموقع واجهة القبيلة > مجالس التربية والتعليم > مجلس آل عيطلي ـ لـ التعليم والمناهج العلمية
 
 

مجلس آل عيطلي ـ لـ التعليم والمناهج العلمية مناقشة الأمور التعليمية والمناهج الدراسية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
#1  
قديم 09-04-2010, 08:51
خالد ال دريع
خالد ال دريع غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 13631
 تاريخ التسجيل : 06 2021
 فترة الأقامة : 1016 يوم
 أخر زيارة : 17-06-2021 (12:30)
 المشاركات : 2,046 [ + ]
 معدل التقييم : خالد ال دريع
بيانات اضافيه [ + ]
F1 (4) المعاق جنة لا تضيعوها



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من المعروف أن الأطفال المعاقين يلقون معاملة سيئة عن غيرهم من الأطفال فى الوضع الطبيعى، لذلك اهتمت الدراسات الحالية بشكل أكثر توسعا لتحديد العلاقة بين سوء المعاملة والإعاقة.











- وقد قرر بعض الباحثين أن الأطفال ذوى الإعاقة يمكن أن يكون لديهم استعداد طبيعى لتوقع الإساءة من الآخرين، وذلك لما يوجهه المجتمع لهم من إساءة نتيجة لما يعانونه من إعاقة وهذا علاوة على الإعاقة نفسها التى تعتبر وضعا سيئا بالنسبة لهم.



هناك أسباب أخرى تؤدى إلى سوء معاملة الأطفال وهى:
- ميلاد الطفل من أبوين منفصلين.
- أبوين مراهقين وغير قادرين على رعاية الطفل.
- التعرض للضغط النفسى.
من المعروف أن الأسر التى تربى طفل معاقا، تواجه ضغوطا أكثر من غيرها.
وتشمل تلك الضغوط الآتية:
1- الشعور بعدم الإستعداد المناسب لتحمل أعباء طفل معاق، ويشمل ذلك عدم القدرة على القبول بالحقيقة بأن الطفل المعاق يختلف عن غيره من الأطفال.
2- مواجهة المشكلات المادية، وذلك لأن الطفل المعاق بحاجة إلى عناية إضافية فى كثير من جوانب الحياة مثل الجانب الطبى والتعليمى.
3- عدم وجود الدعم الاجتماعى والأسرى لمساندة الأبوين فى رعاية هذا الطفل.
تتحد كل هذه العوامل وتتمثل فى الإساءة إلى الطفل المعاق، حيث إن الطفل الذى يعانى من صعوبة فى نظامه السلوكى أو التفاعلى مع الآخرين، يصبح أكثر عرضة للإيذاء الجسدى، كما أن عدم قدرته على التعامل والتفاعل الطبيعى مع المحيطين ينتج عنه تجاهل المجتمع لمتطلباته واحتياجاته.
يمكن للطفل المعاق أيضا أن ينمى علاقات من الثقة على نطاق واسع مع عدد كبير من الناس، لكن لا يكون لديه القدرة على التمييز بين الجيد والسىء من الناس، وهذا يمكن أن يسبب له التعرض للإساءة الجنسية وغيرها من المشكلات.
هناك العديد من الناس الذين يسيئون للطفل المعاق، ويشمل هؤلاء الأشخاص أفراد أسرته والمختصين من الناس، كما أن المجتمع نفسه له دور فى عملية الإساءة لدرجة تصل إلى تمييز الطفل بين أقرانه ببعض المصطلحات التى تؤذى مشاعره.
دروس واقعية من أم لطفل معاق لكل من لديهم طفل معاق:
مجتمع الأم:
كانت أم لطفلة معاقة تبلغ من العمر 8 سنوات وبحاجة إلى احتياجات خاصة، وتحكى أن حياتها أصبحت تشبه حياة الجندى، أثناء الخمس سنوات الأولى من حياة ابنتها كانت الأم تبكى كل يوم من كثرة ما تعانيه مع ابنتها.
لكنها لم تستسلم لليأس وجففت دموعها وتعلمت بعض الدروس الهامة على مدى الأيام، منها:
1- يجب على الوالدين لطفل معاق أن يزرعوا العطف والصبر والمثابرة، والإيمان بأن الله لا يمنح الإنسان كل ما يتمنى، كما لا يبتلينا ابتلاء إلا وهو يعلم أننا سوف نقدر على التعامل معه.
2- غالبا تكون أعظم تحدياتنا فى المناطق التى نبغى العمل عليها مثل الصبر، العطف، الحب والمثابرة.
3- يجب أن نحب أطفالنا حبا غير مشروط وتصرح أنها مرت بحالات من الخجل كونها أم لطفل معاق يتصرف بشكل أصغر بكثير عن عمره.
4- لا تتوقعى أن تكونى أما صبورة وعاطفية طوال الوقت، وذلك لأن الوالدين بشر وليسوا ملائكة.
5- يجب أن نبحث عن مساندة المجتمع من حولنا، وقد جربت ذلك بنفسها ووجدت أن اللجوء إلى مجموعات مجتمعية للمساندة، كان عملا مفيدا لها وذلك لتبادلها الخبرات والمعلومات من آباء وأمهات عانين من نفس مشكلتها.
6- يجب أن نقبل بالحقيقة على الرغم من أن ذلك يستغرق وقتا.
7- أحيانا كانت تجد نفسها متأثرة بسبب حرمان طفلها من العديد من الأنشطة بسبب ما يعانيه من إعاقة.
8- يجب أن يقوم الوالدين بعمل ملفات خاصة بكل تطورات حالة طفلهم المعاق، حتى يعتادوا على العطاء أكثر من الأخذ.
9- حتى يمكن لكم السيطرة على صحة طفلكم وتعليمه واحتياجاته الاجتماعية، فمن المهم عمل تصميم ومسار لكل شىء.
10- يجب الاحتفاظ بكل اختبار، تقرير، أو أى شىء يخص الطفل بشكل جدول مرتب بشكل منطقى.
11- سيعتمد الأطباء والمتخصصين عليك فى وضع التقارير المنتظمة عن طفلك.
12- تذكرى أنك أنت اكثر شخص يعرف طفلك أفضل من أى أحد آخر.
13- يجب أن تكونى دقيقة جدا فى فهم الفجوات الموجودة فى التقدم الدراسى لطفلك، وذلك بالحصول على المعلومات الكاملة من المدرسة التى يتعلم بها.
14- يجب أن تكرسى وقتا لنفسك، وبالرغم من صعوبة ذلك إلا أنه هام جدا حتى يمنحك القدرة على الاستمرار فى مسيرتك، وذلك يكون بقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء أو الأقارب أو الخروج للتسوق على سبيل المثال.
15- لا يجب أن يؤثر اليأس عليك لأن النتيجة ستكون تضييعا ملشاعرك وعقلك فى أحاسيس بائسة لن تفيد إنما ستقع بالسلب عليك.
16- يجب أن تتمتع بمزيج من مشاعر الإيمان، الواقعية، التفكير والدعم حتى يمكنك تحقيق الهدف المرغوب، فالأبوة تحدى مهما كانت المشكلات، وعندما يولد طفل معاق ويتم تشخيص مشكلته على أنه سيحتاج إلى معاملة خاصة، يصبح الوالدين فى حيرة من أمرهما ويفكران فى المشكلات الجسدية والعاطفية والمادية على حد سواء.
وبالإضافة إلى المسئوليات اليومية يصبح من الضرورى أن يلبوا متطلبات حالة طفلهم.
17- يجب على الوالدين فهم إحتياجات طفلهم ومحاولة التعامل معها والتغلب على مشاعر اليأس والفقدان والغضب والشعور بالذنب.
وبعد أن وضعنا أسس معاملة وتربية الطفل المعاق، هناك استراتيجيات وعناصر هامة يجب أن تساعد طفلك من خلالها:
الدعم النفسى:
عند ميلاد الطفل العادى تصبح الأسرة بالكامل فى حالة من الفرحة الغامرة، ويظهر ذلك فى طريقة استقبالهم لهذا الطفل، ويتمثل فى اللهفة عليه وشراء الكثير من الاحتياجات الضرورية والغير ضرورية له من جميع المحيطين به، بالإضافة إلى التدليل المستمر ومحاولة التحدث المستمر معه.
وعلى النقيض عند ميلاد طفل معاق يكون كل فرد فى الأسرة فى حالة من الإحباط واليأس، ويتمثل ذلك فى عدم رغبة أى فرد فى حمل الطفل أو حتى فى النظر إليه، كما يقدمون له احتياجاته الضرورية كواجب إلزامى ثقيل العبء وليس بدافع من داخلهم، وعادة يتركونه وحيدا دون اللعب، أو الحوار معه وكأن ما فيه من وضع هو جريمة يعاقبه عليها المجتمع المحيط والأسرة كجزء هام منه.
كيف يقوم الوالدين بدعم الطفل المعاق نفسيا؟
- إظهار الحب واللهفة عليه.
- معاملته كأى طفل عادى ولو حتى على سبيل التمثيل.
- دمجه مع أفراد أسرته والمحاولة المستمرة للتحدث واللعب معه.
- شراء كل ما يحتاج إليه أى طفل عادى، مع أخذ رأى الأطباء النفسيين عما يناسب قدراته.
- يجب أن يكون هناك نظرة بشوشة على وجه كل فرد من العائلة عند النظر أو التحدث إليه.
- عدم التحدث عن إعاقته كمشكلة أمامه، أو مناداته بها أو إطلاق أى اسم متعلق بها أمام أى شخص آخر، حتى لا نؤذى مشاعره، وذلك لآن الطفل المعاق من أكثر الناس حساسية.






كيفية الدعم الاجتماعى للطفل المعاق:
1- الاشتراك له فى نوادى مخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة حتى يمارس ما يتناسب مع قدراته.
2- ترتيب اختلاطه بالأهل والأقارب مع الحرص على إخبارهم بعدم مناداته أو طرح أى سؤال قد يؤذى مشاعره أمامهم، واللعب معه قدر ما يستطيع.

3- عمل رحلات ترفيهية له مع أقرانه فى فترات منتظمة، وترك الحرية له فى اللعب بالطريقة التى يفضلها.
4- محاولة دمجه مع المجتمع فى جميع المناسبات الاجتماعية المختلفة.
5- منحه الفرصة للتعبير عن نفسة وإبداء رأيه فى الأمور المختلفة مثل باقى أفراد العائلة.
الدعم التعليمى:
- إدخال الطفل مدرسة مناسبة لاحتياجاته حتى تتناسب معه ولا تكون أكبر من طاقاته وقدراته التعليمية.
- ما نلاحظه فى بعض المجتمعات الشرقية أن الوالدين يرتكبون جريمة فى حق طفلهم المعاق بإدخاله مدرسة للأشخاص الطبيعيين، وذلك لشعورهم بالخجل وعدم الرغبة فى الاعتراف بأن ابنهم معاق وهذا يعود بالسلب عليه، حيث يواجه الكثير من المشكلات التى تترك آثارا سلبية على نفسه، كما تحرمه من تنمية القدرات التى خلقه الله بها.
- بالتعاون مع المتخصصين يجب التعرف على النشاط الذى يفضله الطفل وتدعيمه وتقويته فى هذا النشاط حتى يصبح إنسانا منتجا فى مجال معين فى حياته المستقبلية.
- يجب تعليمه جميع متطلبات العصر الحديث مثل الكمبيوتر والتدريب على الأجهزة المتطورة لكن بطرق تتناسب مع قدراته وبالتعاون مع المتخصصين.
- متابعة مستوى التحصيل الدراسى له ومعالجة نقاط الضعف التى يواجهها فى مساره التعليمى.
- المكافأة باستمرار على كل عمل منتج أو إيجابى يقوم به، حتى يدرك أن الاحتهاد شىء جيد ونحفزه على تقديم الأفضل باستمرار.
الدعم الدينى:
منذ نعومة أظافر الطفل المعاق يجب أن نقوى لديه الوازع الدينى، ونحاول أن نجعله يقينى بداخله حتى نمنحه الفرصة لتقبل حالته أو إعاقته من خلال النقاط التالية:
1- تعليمه أن الدنيا مجرد مرحلة وممر نعبر به إلى العالم الآخر الدائم، وللمرور عبر العالم الدائم يجب التحلى بالصبر والرضا والاجتهاد.
2- إدخال المعتقدات الدينية إلى عقله، ومنها ترسيخ فكرة أن كل إنسان لابد أن يكون لديه عيب ونقص، وأن هذا العيب لا يجب أن يكون عقبة أمام تحقيق أهدافه التى يرغب فى تحقيقها.
3- إعلامه أن الصبر على الابتلاء من السبل التى تقوى إرادة وعزيمة الشخص وتساعده على الوصول للدنيا والآخرة معا.
4- إعلامه أن كل لحظة ألم يمر بها الشخص فى حياته هى فى الحقيقة كنز خفى، يمده بالقوة فى الدنيا ويغفر له ذنوبه ليصل إلى أرقى الدرجات فى الآخرة.
5- تعليمه أن الناس الآخرون قد يكون لهم بعض العذر عند الدهشة لرؤية جوانب الإعاقة، وذلك للاختلاف بينهم وبين ما يعانيه الإنسان المعاق لذلك يجب تقبل النقد ونظرات التعجب بصدر رحب.
ومن هنا يجب أن يعلم كل أب وتعلم كل أم أن طفلهاالمعاق الذى تعتبره نقمة هبطت عليها من السماء، ما هو إلا نعمة وكنز متحرك يجب أن تستغله فى كسب رضا الله، كما يعتبر مشروع هام يجب أن تبذل كل ما بوسعها لإنجاحه حتى تشعر بالفخر والاعتزاز به


ودمتم بود




رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 12:01   #2
عبدالإله الدعفس


الصورة الرمزية عبدالإله الدعفس
عبدالإله الدعفس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5368
 تاريخ التسجيل :  06 2021
 أخر زيارة : 17-06-2021 (12:29)
 المشاركات : 3,263 [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
رد: المعاق جنة لا تضيعوها



كيف تعامل الإسلام مع المعاقين ؟
موسى بن حسن ميان

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد :
بداية لابد من التعرف على لفظ إعاقة ، ورد في القاموس المحيط العَوْقُ : الحبس والصرف والتثبيط ، ويقول صاحب مختار الصحاح : عوق ( عاقة) عن كذا ، حبسه عنه وصرفه ، وكانوا فيما مضى يسمون بالمقعدين ثم أطلقوا عليهم لفظ ذوي العاهات ثم مسمى العاجزين، ولما تطورت النظرة إليهم على أنهم ليسوا عاجزين لأن المجتمع هو الذي عجز عن استيعابهم وعجز عن تقبلهم وعجز عن الاستفادة منهم مما قد يزيد هوة عدم التعرف على مميزات أو مواهب أو صفات أو قدرات لديهم يمكن تنميتها وتدريبها بحيث يتكيفون مع مجتمعهم رغم عاهاتهم ، بل ربما يفوقون غيرهم ممن نطلق عليهم تجاوزاً الأسوياء ، أي عندما أدرك المجتمع أنه هو الذي يحوي تلك العوائق التي تمنع المعاقين من التكيف معه غيّر المجتمع نظرته تجاه المعاقين ، عندئذ أصبحت المراجع العلمية والهيئات المتخصصة تسميهم المعاقون بمعنى وجود عائق يعوقهم عن التكيف مع المجتمع ، وبهذا أصبحت كلمة معوق لا يقتصر مفهوماً على المعاقين عن الكسب والعمل فقط أيضاً عن التكيف نفسياً واجتماعياً مع البيئة ، ولا شك أن التسميات السلبية مثل المكفوفون ، الصم ، المشلولون ، المتلفون في أدمغتهم ، والمتخلفون عقلياً وغيرها تترك أثراً سلبياً يلصق بالطفل حتى يكبر ووصمة تؤثر على علاقته الاجتماعية تأثيراً بالغاً، ولكن التسميات الإيجابية مثل ذوو الاحتياجات الخاصة أو ذو الصعوبات تعطي انطباعاًً وتفاعلاً جيداً لمثل هؤلاء مع المجتمع وهذه المسميات أيدتها دراسات وتقارير وتقديرات أفادت العاملين مع هؤلاء وكذلك المجتمع بكامله ، والإسلام قد حثنا على اختيار الأسماء والكنى الجميلة والجيدة ومناداة الإنسان بأحب الأسماء إليه فالمسلم لا يحب لأخيه المسلم إلا ما يحب لنفسه كما أوضح أن إدخال السرور على المسلم مما يؤجر عليه .

وعندما نتتبع أحوال هؤلاء المعاقين عبر العصور نجد في التاريخ القديم أنه في الدولة الرومانية التي تميزت بالصبغة الحربية عملت على التخلص من المعوقين حيث وصف القانون الروماني الأصم بالعته والبلاهة ، وقديماً كان الفراعنة يتخلصون من الأطفال المعاقين ولكنهم مع مرور الزمن اصطبغت قوانينهم بالروح الإنسانية فنجحوا في استخدام بعض العقاقير الطبية التي تستخدم في علاج بعض حالات ضعف السمع ، وكان الفيلسوف آرسطو يرى أن أصحاب الإعاقة السمعية لا يمكن تعليمهم وكذلك أفلاطون يرى إخراج المعاقين من مدينته الفاضلة لأنهم لا يؤدون المطلوب منهم لنجاح هذه المدينة ، وكان القانون الإنجليزي القديم يحرم بعض فئات المعاقين من الحقوق والواجبات التي لهم.

أما في العهد الإسلامي فقد اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بكل فئات المجتمع وحرص المسلمون على الرعاية الكاملة للضعفاء وذوو الاحتياجات الخاصة فلو افترضنا أن في المجتمع فئة قليلة من الناس ذوو احتياجات خاصة تكاد لا تذكر فإن هذه القلة تحت نظام الإسلام وحمايته ستجد من يقف جانبها ويساعدها ، وعليه جاءت الآيات الكريمة في كتاب الله تعالى لتؤكد للجميع أن الله تعالى يحث على نصرة الضعيف وإعانته قدر الاستطاعة .

والمتأمل في آيات الله تعالى يجد نفسه أمام آيات كثيرة توحي بهذا المعنى قال تعالى : {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم } التوبة :91 تدل الآية دلالة واضحة على أن الضعفاء والمرضى ليس عليهم أية مشقة إذا لم يقاتلوا مع إخوانهم الأصحاء.

وقد تكرر في القرآن لفظ :{ ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}، ففي الموضع الأول في آية 61 من سورة النور ، يعني عدم الحرج في مسألة الأكل والشرب في بيوت الأقارب ، والموضع الثاني في آية 17 من سورة الفتح ويقصد عدم الحرج عندما يتخلفون عن المعارك فإن لهم العذر المقبول عند الله ، ففي زمن صدر الإسلام نجد أنفسنا أمام منزلة كبيرة وضعها الله سبحانه لهؤلاء الضعفاء ولعله من المناسب أن نذكر مكانة هؤلاء عند الله بعد أن آمنوا به وبرسوله ونصروا الدعوة الإسلامية منذ بدايتها وتحملوا في سبيلها الكثير ، إن المتأمل في القرآن الكريم يجد أمامه مثلاً إيجابياً من أمثلة الاهتمام والرعاية ، وهذا المثل القائم والخالد بخلود كتاب الله تعالى وهو عتاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في قصة عبد الله بن أم مكتوم ذلك الأعمى الذي حضر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجلس معه كما تعود فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم فراغه وانشغاله بدعوة كفار مكة وسادتها ومحاولة جذبهم إلى توحيد الله وأدار وجهه عنه والتفت إليهم ، وبالطبع لم يرى ابن أم مكتوم ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أعمى ، فجاء عتاب الله لنبيه:{عبس وتولى ، أن جاءه الأعمى ....}الآيات، وبهذه الآيات البينات أوضح الله تعالى لنبيه ولأمته أن المؤمن الضرير الكفيف هو أطيب عند الله من هؤلاء الصناديد الكفرة ، فكان صلى الله عليه وسلم كلما رآه هش له ورحب وقال :[ أهلاً بمن عاتبني فيه ربي... ] ، ورغم فقر ابن أم مكتوم وثراء هؤلاء القوم إلا أنه عند الله أثقل ميزاناً وأحسن حالاً وأفضل مقاماً وربما يكون ابن أم مكتوم نبراساً لهؤلاء الضعفاء وكذلك الأغنياء .

ولا نبالغ إذا قلنا أن الخليفة عمر بن عبد العزيز قد حث على إحصاء عدد المعوقين في الدولة الإسلامية ، ووضع الإمام أبو حنيفة تشريعاً يقضي بأن بيت مال المسلمين مسئول عن النفقة على المعوقين ، أما الخليفة الوليد بن عبد الملك فقد بنى أول مستشفى للمجذومين عام 88 هـ وأعطى كل مقعد خادماً وكل أعمى قائداً ولما ولى الوليد إسحاق بن قبيصة الخزاعي ديوان الزمنى بدمشق قال : لأدعن الزّمِن أحب إلى أهله من الصحيح ، وكان يؤتى بالزمِن حتى يوضع في يده الصدقة ، والأمويون عامة أنشئوا مستشفيات للمجانين والبلهاء فأنشأ الخليفة المأمون مآوٍ للعميان والنساء العاجزات في بغداد والمدن الكبيرة ،وقام السلطان قلاوون ببناء بيمارستان لرعاية المعوقين ، بل وكتب كثير من علماء المسلمين عن المعاقين مما يدل على اهتمامهم بهم مثل : الرازي الذي صنف ( درجات فقدان السمع ) وشرح ابن سينا أسباب حدوث الصمم .

بل إن من العلماء المسلمين من كان يعاني من إعاقة ومع هذا لم يؤثر ذلك عليهم بل أصبحوا أعلاماً ينصرون هذا الدين بالقول والفعل فمنهم :
1. أبان بن عثمان ، كان لديه ضعف في السمع ومع هذا كان عالماً فقيهاً
2. محمد بن سيرين ، كان ذو صعوبة سمع شديدة ومع هذا كان راوياً للحديث ومعبراً للرؤى .
3. دعبل الخزاعي .
4. القاضي عبده السليماني .
5. عبد الرحمن بن هرمز الأعرج .
6. حاتم الأصم .
7. سليمان بن مهران الأعمش .
8. أبو العباس الأصم .
وفي هذا الزمان نجد أمثلة كثيرة ومنهم : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله مع أنه كان فاقداً للبصر إلا أنه كان إماماً زاهداً ورعاً ناصراً للدين .

دمج المعاق في المجتمع كيف قرره القران الكريم والسنة النبوية ؟

وقد أعطى الإسلام لهؤلاء المعاقين حقوقهم فحرص على دمج المعاق في مجتمعه ، فقد ولى الرسول صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة عندما خرج لإحدى غزواته ، كما يتجه الإسلام إلى المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه المعاق فيعلمهم ويربيهم على السلوك الذي يجب عليهم أن يسلكوه في معاملتهم لإخوانهم وأهليهم من ذوي العاهات فهو يعلن بصريح العبارة أن ما حل بإخوانهم من بلاء لا ينقص قدرهم ولا ينال من قيمتهم في المجتمع فهم جميعاً سواء لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى فقد يكون صاحب العاهة أفضل وأكرم عند الله من ألف صحيح معافى فقال تعالى :{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم } فالميزان الحقيقي هو التقوى وليس المال أو الجاه أو الصحة أو الصورة الخارجية أو غير ذلك لأنه لا يمكن أن تتحقق الغاية السامية من هذه الحياة إلا إذا تحقق ميزان التقوى ، هذا الميزان الذي له وقع أخّاذ في ضمير المسلم بما يحويه من الخير والاستقامة والصلاح والإصلاح للفرد والمجتمع وللإنسانية جمعاء ، فالتقوى جماع لكل فضيلة .
وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القيمة في أكثر من حديث ففي حجة الوداع التي حوت جوامع الكلم وأخطر قواعد الإسلام قال صلى الله عليه وسلم : [ أيها الناس ، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، خيركم عند الله أتقاكم ]ولكي ينزع من النفوس بقايا القيم الأرضية قال صلى الله عليه وسلم : [ إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ] .

ومن حقوقهم عدم السخرية منهم قال تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ..الآية ] فالمجتمع الذي يزدري الأصحاء فيه أهل البلاء يكون مصدر شقاء وألم لهؤلاء قد يفوق ألم المصيبة وربما فاقها فعلاً ، فكم من ذوي البلاء من حمل عاهته ورضي بواقعه إلا

أنه لا يمكن أن ينسى نظرة احتقار من أحد الناس ، بل إننا جميعاً قد ننسى كل متاعب الحياة ومصاعبها ولا ننسى بسمة سخرية أو كلمة استخفاف تلقيناها من الآخرين ، ألم يقل أبو الطيب :
جراحات السنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان
وليعلم هؤلاء الأصحاء أن ما يرفلون به من صحة ومن ضروب النعم والخير ليس إلا من فضل الله وجوده وكرمه ، قال تعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله }، وأن الذي وهبهم هذه النعم لقادر على سلبها منهم ، وقادر أيضاً على إعطائها لمن كانت أعين أهل النعمة تزدريهم، فقد قال تعالى : { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير }
كما أن لأهل البلاء مكانة في المجتمع بمساهمتهم في خيره وإسعاده فقد رأى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن له فضلاً على من دونه ، فقال صلى الله عليه وسلم : [ هل تنصرون ، وترزقون إلا بضعفائكم ]رواه البخاري ، وعند النسائي :[ إنما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم بدعواتهم وصلا تهم وإخلاصهم ] قال ابن بطال :( تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصاً في الدعاء وأكثر خشوعاً في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا )، وقال الحافظ المهلب : ( أراد صلى الله عليه وسلم بذلك حض سعد على التواضع ونفي الزهو على غيره وترك احتقار المسلم في كل حاله )، وقد نهى الإسلام عن الغيبة وذكر المسلم أخيه بما يكره ، فبذلك يكون المجتمع ميدان رحب أنشأه الإسلام للحياة السعيدة الكريمة فيكون مجتمع لا يستخف بهؤلاء الضعفاء والمعاقين ولا يزدريهم .
وفي مقابل ذلك يتوجه الإسلام إلى خير علاج وأصلحه لنفس المعاق ليجتث منه القلق والشعور بالنقص ويحل مكانه الرضى والثقة والسعادة حيث يرشده إلى أن ما يعانيه من شدة العاهة لا ينقص من كرامته كما لا يحط من قيمته في الحياة ، لأن العاهة الحقيقية هي تللك التي تصيب الدين والخلق للمسلم وبمعادلة بسيطة يقارن الإنسان بين فقد البصر مثلاً وفقد الشرف ويقارن بين بتر اليد أو الرجل وبتر الكرامة والأخلاق و تشوه الدين والضمير، إن تلك المقارنة لتحمل على الحمد والرضى بسلامة ذي العاهة الجسدية من الإصابة بعاهة النفس على النحو الذي ذكر في قوله تعالى : { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }.

ومع هذا فإن الإسلام لم يهمل العاهة والإعاقة ولم ينكر وجودها ولم يتجاهل أثرها على صاحبها لذلك وجه الإنسان إلى الصبر على ما يواجهه من نكبات وكوارث تحل في جسمه أو ماله أو أهله ، وليرجع كل منا إلى نفسه فإنه لا شك يجد في سيرته أو في سيرة من يعرف شدائد صنعت نعماً ومصائب صنعت رجالاً قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور}فالآية الأولى تعلن حقيقة أزلية وهي أن كل ما يجري في هذا الكون وما يتعرض له الإنسان في حياته إنما هو بقضاء الله وقدره وقيمة هذه الحياة أنها تسكب في النفس البشرية السكون والطمأنينة عند إستقبال الحوادث والمتاعب بيقينها أن كل ذلك كان بقضاء وقدر، وتأتي الآية الثانية لتوجه النفس البشرية إلى ما يجب أن تكون عليه عند المصيبة وعند النعمة فلا يأس في الأولى ولا افتخار في الثانية ، وقد قررت السنة هذا المعنى فقال صلى الله عليه وسلم : [ عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن ، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ]وأحاديث أخرى تحث على الصبر منه قوله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى قال [ إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة ].

ماهي الأمور التي جعلها الإسلام للوقاية من الإعاقة بإذن الله ؟

الإسلام أرشد إلى الوقاية من الإعاقة ونلخص ذلك فيما يلي :
1. الحد من أثر الوراثة فحض على انتقاء المرأة ذات الأصل الجيد من حديث : [ تخيروا لنطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن ] رواه ابن عدي وابن عساكر،وكذلك اختيارها صالحة ذات شرف ليست صاحبة فاحشة ، فإن ذلك يحمي بإذن الله من كثير من الأمراض والعاهات.
2. أجازت قواعد الفقه الإسلامي التعقيم والتطعيم ضد الأمراض المنتشرة التي قد تسبب الإعاقات ، ويرى الدكتور مصطفى السباعي استناداً إلى القواعد الشرعية جواز التعقيم للأشخاص المصابين بأمراض وراثية بثلاثة شروط:
• تحقق انتقال هذه الأمراض .
• أن لا يكون هناك أمل للشفاء عن طريق العلاج الطبي.
• أن لا يكون هناك وسيلة لمنع انتقال هذه الأمراض إلى الورثة إلا بتعقيم الشخص المصاب به .
3. تحريم الزنى والخمر لأن الفوضى الأخلاقية والجنسية تنتج ذرية سيئة ينتقل من خلالها الأمراض المعدية الخطيرة ومن ذلك الزهري الذي يسبب الشلل والعمى والتشوهات الجسمية وسرطان اللسان قال تعالى:{ ولا تقربوا الزنى....}
ولذلك حرم الإختلاط والتبرج والسفور والأسباب الداعية إليه ، أما الخمر فيجمع الأطباء على أنه يسبب الجنون وتخلف العقل والإعاقات العصبية والهزل والضعف الجنسي والصرع .
4. تحريم الدخان قال تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }. فعلى الأم أن تجتنب ذلك وغيره من المواد الضارة ، فقد ثبت علمياً تسببها في حصول الإعاقة للجنين وخصوصاً في مراحل الحمل الأولى أو أثناء الولادة .

وما ذكرنا من أسباب للوقاية من الإعاقات من منظور إسلامي على سبيل المثال وليس الحصر . ونسأل الله أن ينفع بهذه الكلمات .وصلى الله على نبينا وآله وصحبه



وهنامراجع تفيد في الموضوع بتوسع
1. المعوق والمجتمع في الشريعة الإسلامية
المؤلف : سعدي أبو حبيب .
2. ذوو الصعوبات السمعية وكيفية ربطهم بالمجتمع .
المؤلف : سلمان ظافر الشهري.
3. رسالة ماجستير في التربية الخاصة .
الباحث : محمد الذبياني



الأخ الغالي ابو الوليد
خـــــالد الدريع
لك مني أطيب تحية واحترام وشكر
على هذا الموضوع الجميل


 

رد مع اقتباس
قديم 12-05-2010, 01:51   #3
الــهــنــوف
ضيف


الصورة الرمزية الــهــنــوف

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
رد: المعاق جنة لا تضيعوها



خالد دريع + عبدالاله الدعفس

الله يجزاكم خير على مانقلتوا لنا

وبارك الله فيكم


 

رد مع اقتباس
قديم 12-05-2010, 01:53   #4
حاتميه
ضيف


الصورة الرمزية حاتميه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
رد: المعاق جنة لا تضيعوها



مشكوور ابو وليد ع الطرح الهام
والشكر موصول لعبدالاله

جعله في موازين حسناتكم


 

رد مع اقتباس
قديم 19-05-2010, 10:02   #5
أديب الدعفس
ضيف


الصورة الرمزية أديب الدعفس

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
رد: المعاق جنة لا تضيعوها



تحية للأخ الخلوق ابو الوليد
بارك الله فيك على هذه الخطوة الطيبة تجاه فئة تحتاج منا الكثير والكثير
عافهم الله ومتعهم بالدنيا والآخره
وجزاك الله خير الجزاء


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:06.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024,

ارشفه ودعم شركه جامعه الويب


HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
مجلس قبيلة الفضول التوثيقي الرسمي الأول - وموقع واجهة القبيلة