عرض مشاركة واحدة
قديم 17-06-2010, 10:24   #30
يقظان
ضيف


الصورة الرمزية يقظان

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الصحابي الجليل معاويه بن أبي سفيان كاتب الوحي




قد اشتهرت عند من يتولى معاوية عدة أوصاف وصفوه بها لم يصح منها شيء ولم يثبت فيها حديث للنبي(ص)! ومن ذلك وصفهم إياه بأنه خال, المؤمنين وكاتب الوحي الأمين, وكسرى العرب, وأول ملوك المسلمين, ودعاء النبي (صلى الله عليه وآله) له بأن يجعله الله تعالى هادياً مهدياً ويهدي به!! وما إلى ذلك من ألقاب وفضائل ما أنزل الله بها من سلطان ولم يثبت منها شيء أمام الحجة العلمية والبرهان.

فأما سؤالكم عن وصفه بأنه كاتب الوحي فنقول بأن هذا الوصف لم يثبت لمعاوية بدليل صحيح ونحن نرده من عدة وجوه منها:

1 - أن معاوية من مسلمة الفتح فهو ليس من السابقين ولا المهاجرين ولا الانصار بل أسلم في أواخر حياة النبي الأعظم(ص) أي بعد أكثر من عشرين سنة من نزول القرآن الكريم, وفي هذه الفترة الأخيرة أي السنتين الأخيرتين التي بعد فتح مكة لم ينزل الشيء الكثير من القرآن الكريم! حتى روى مسلم عن ابن عباس قوله: آخر سورة نزلت إذا جاء نصر الله والفتح, وفي رواية أن آخر سورة هي براءة, وفي رواية المائدة, فهذه السور الثلاث هي كل ما نزل في تلك الفترة بالإضافة إلى بعض الآيات الكريمة مثل آية الربا وآية الدين وآية الكلالة وآية التبليغ وآية إكمال الدين.

فمثل هذا الوقت القصير مع التنزيل القليل لا يحتاج إلى مثل معاوية لأن يكون كاتباً للوحي ولا يسمى من هذه حاله في مثل هذا الظرف كاتب الوحي الأمين.

2 - بالإضافة إلى أن كتابة القرآن ككتابة السنة النبوية الشريفة لم تكن فضيلة ومنقبة لأحد على أحد, إنما كان ذلك أمراً مفتوحاً لكل من يجيد القراءة والكتابة وقليل ما هم, فكانت الحاجة للكتابة والرغبة من الكتاب هي الدافع للمشاركة في كتابة القرآن أو السنة أو الكتب للرسل والوفود. فلا فضل للكاتب على غيره, بل قد يفوقه غيره كالحفاظ والعلماء فهم أفضل من كتبة القرآن قطعاً, ومثل ذلك ما كان من كتابة عبد الله بن عمرو بن العاص لحديث النبي (صلى الله عليه وآله) وعدم كتابة أبي هريرة له ومع ذلك فإن أهل السنة يعتبرون أبا هريرة راوية الإسلام!! فلا فضيلة إذن للكاتب على غيره, بل إن غيره من كتاب الوحي أولى بهذه الفضيلة خصوصاً السابقين الأولين ولكن لم نسمع أحداً وصف أحداً من السابقين الأولين بأنه كاتب الوحي! وألصقوا هذا الوصف بمعاوية وكأنه من مختصاته مع مجيئه في آخر عامين من حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيا لله ولكتابة الوحي!! إذن لا فضل ولا خصيصة لمعاوية في ذلك!

3 - فإن قلت: يجب أن يكون كاتب الوحي موثوقاً عادلاً أميناً خشية تحريفه للقرآن وتلاعبه به فيكون ذلك فضلاً وتفضيلاً لمعاوية.

قلت: أجمعت الأمة على أن الله تعالى هو الذي تعهد بحفظ القرآن بنفسه دون حاجة لأحد من خلقه مثل كتاب الوحي وغيرهم فانه تعالى قال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

وينقض هذه الدعوى بأن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخ عثمان من الرضاعة قد سبق معاوية إلى هذا الشرف فكتب الوحي في مكة ومنذ السنين الأولى للبعثة, بل هو أول من كتب الوحي للنبي (صلى الله عليه وآله) من قريش في مكة! (قاله ابن حجر في فتح الباري ج9/18).

ولكن ماذا حصل؟ إنه ارتد بعد ذلك فأهدر النبي (صلى الله عليه وآله) دمه في فتح مكة بين أربعة رجال وأمر أتين دون سائر الناس الذين أطلقهم النبي (صلى الله عليه وآله) وعفا عنهم فأمر بقتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة, فلو كانت كتابة الوحي فضل وتفضيل وعصمة لصاحبها لما ارتد أبن أبي سرح هذا عن الإسلام, وكذلك لو كانت كتابة الوحي تعتبر فيها الوثاقة والأمانة لما كتبه أمثال إبن أبي سرح غير المأمون والشاك في دينه!!

وكذلك روي ذلك عن نصراني قد أسلم وكتب الوحي ثم ارتد كما روى البخاري ذلك عن أنس (ج4/182) قال: كان رجل نصرانياً فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران (أي حفظهما) فكان يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله) فعاد نصرانياً فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحضروا له فأعمقوا فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا... فحفروا له فأعمقوا له في الارض ما استطاعوا فأصبح وقد لفظته الارض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه.

فهذا النصراني المرتد أيضاً قد كتب الوحي للنبي فماذا نفعه ذلك؟ لاشيء!!

4 ـ هذا كله إن سلمنا جدلاً بأن معاوية قد كتب الوحي! ولكن أهل السنة أنفسهم لم يثبتوا ذلك بدليل صحيح واحد, بل صرح الكثير من علمائهم ومحققيهم كالذهبي وابن حجر والمدائني وغيرهم بأن معاوية كان يكتب الرسائل للنبي (صلى الله عليه وآله) فيما بينه وبين العرب! فقد قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (3/123) وابن حجر في إصابته (6/121): قال المدائني: كان زيد بن ثابت يكتب الوحي وكان معاوية يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله) فيما بينه وبين العرب. وقال الذهبي أيضاً عن عبد الله بن عمرو, قال: كان معاوية يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

ومن الواضح أن هنالك فرقاً بين كتابة الوحي والكتابة للنبي (صلى الله عليه وآله).

وكذلك الحديث الذي يذكرونه ليثبتوا كتابة معاوية الوحي للنبي (صلى الله عليه وآله) ليس فيه تصريح! فالحديث الذي في مسلم عن ابن عباس فيه (وقال اذهب وادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال: ( لا أشبع الله بطنه) فهذه الرواية ليس فيها (ليكتب له) وفي مسند أحمد والطيالسي فيها (ليكتب له) أو (وكان كاتبه) وكل ذلك لا يثبت كتابة معاوية للقرآن والوحي!!

5 - ومما يدل على عدم فضيلة معاوية في كتابته للنبي (صلى الله عليه وآله) أو حتى كتابته للوحي ما قرره أكثر علماء أهل السنة ومحققيهم مثل الذهبي وابن حجر وغيرهم, فقد قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (3/121) قال إسحاق بن راهويه (وهو شيخ البخاري ومسلم وغيرهما): ( لا يصح عن النبي (صلى الله عليه وآله) في فضل معاوية شيء)!! وكذلك قال النسائي والحاكم والعجلوني والعيني وابن حجر العسقلاني والفيروز آبادي وغيرهم.

فقد قال الفيروز آبادي في (سفر السعادة) والعجلوني في (كشف الخفاء) ص:42: باب فضائل معاوية: ليس فيه حديث صحيح.

وقال العيني في (عمدة القاري في شرح البخاري) تعليقاً على قول البخاري (باب ذكر معاوية): فإن قلت: قد ورد في فضله أحاديث كثيرة. قلتُ نعم, ولكن ليس فيها حديث يصح من طريق الإسناد, نصَّ عليه إسحاق بن راهوية والنسائي وغيرهما فلذلك قال (البخاري): باب ذكر معاوية ولم يقل فضيلة ولا منقبة!

وكذلك قال النسائي: والله لا أعرف له فضيلة إلا قول النبي (صلى الله عليه وآله) له: (لا أشبع الله بطنك)! فداسوه بأرجلهم وأخرجوه من الشام مضروراً. (أنظر شذرات الذهب لابن العماد (ج2/240).

وقال ابن حجر في (فتح الباري) (ج7/81) معلقاً على تبويب البخاري بقوله (باب ذكر معاوية) فقال:

تنبيه: عبر البخاري في هذه الترجمة بقوله ذكر ولم يقل فضيلة ولا منقبة لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب... وأورد إبن الجوزي في (الموضوعات) بعض الأحاديث التي ذكروها ثم ساق عن إسحاق بن راهويه أنه قال: لم يصح في فضائل معاوية شيء فهذه النكتة في عدول البخاري عن التصريح بلفظ منقبة اعتمادا على قول شيخه...

وقصة النسائي مشهورة وكأنه اعتمد أيضاً على قول شيخه إسحاق, وكذلك في قصة الحاكم.
وأخرج إبن الجوزي أيضاً من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي: ما تقول في علي ومعاوية فأطرق ثم قال: إعلم أن علياً كان كثير الاعداء ففتش أعداؤه له عيباً فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيداً منهم لعلي, فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الاسناد وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما والله أعلم آه كلام الحافظ ابن حجر.

قلت: لا ندري إن لم يصح إسناد أحاديث فضائل معاوية فهل تصح عندكم معانيها؟ أنظروا واحكموا!!

6 - وكذلك بالنسبة الى حديث (لا أشبع الله بطنه) فإنه واضح في ذم معاوية وفضحه! لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لا ينطق عن الهوى ولا يدعو على من لا يستحق الدعاء عليه بل دعا عليه لانه عصى إجابة أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصر على ذلك بسبب بطنه واشتغاله بالأكل, وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث آخر قد رواه البخاري (ج6/200) (المؤمن يأكل في معي واحد والمنافق أو الكافر يأكل في سبعة أمعاء) ومعنى ذلك أن المؤمن يشبع بسرعة والكافر أو المنافق لا يشبع بسهولة وهذا يثبت عدم صحة إعتذارهم وتأويلهم لحديث (لا أشبع الله بطنه) ووضعه في غير موضعه من فضيلة أو ما يجري على اللسان دون قصد.

ويشهد لصحة ما ذهبنا إليه أن دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) قد استجيب وكان معاوية لا يشبع بعدها ففي نفس الرواية روى ابن كثير في البداية والنهاية (ج8/128) زيادة في آخرها (فما شبع بعدها), واستفاد ذلك أيضاً البيهقي فذكر الحديث مع الزيادة في دلائل النبوة فجعله من معاجز النبي (صلى الله عليه وآله) واستجابة دعائه في معاوية.

وذكر ابن كثير شواهد لعدم شبع معاوية في (6/ 189) منها: قال: فما شبع بعدها, قلت (ابن كثير): وقد كان معاوية لا يشبع بعدها, وكذلك قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (3/123) ووافقته هذه الدعوة في أيام إمارته فيقال: إنه كان يأكل في اليوم سبع مرات طعاماً بلحم وكان يقول: والله لا أشبع ولكن أعيى.

وقد كان معاوية معدوداً من الأكله!!

7 - وأخيراً نقول بالنسبة لكتابته الوحي لم تثبت وإن قلتم غير ذلك فأتونا بسورة قد كتبها معاوية أو سند للقرآن قد ذكر فيه معاوية ونقل القرآن عنه مع عدم ذكره مع حافظي القرآن!!؟ بل لو وجد ذلك ما زاده فضلاً أو وثاقة لان القرآن الكريم محفوظ بحفظ الله تعالى لا بجهد بشر وكذلك فإنه منقول لنا بالتواتر جيلاً بعد جيل فلا يهم بعد ثبوت التواتر والقطع بالآيات والسور أن ينقلها مسلم أو كافر أو منافق أو ثقة أو كذاب فلا عبرة لآحاد وأشخاص الناقلين ما دام التواتر ثابتاً.


 

رد مع اقتباس