عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-2011, 10:29   #13
العبد الفقير الى ربه
ضيف


الصورة الرمزية العبد الفقير الى ربه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
رد: سؤال أتوجه به الئ كل من يعنيه أمر النسب الشريف ويوكل نفسه محاميا للدفاع عن الئ ان



التدوين التاريخي :

اذا كان تاريخ نجد في تلك الفتره يعاني الكثير من الغموض فاءن هذا الحال ليس مقتصراً عليها بل هي الحاله الغالبة في المناطق المجاوره .. فالتاريخ العراقي في تلك الفترة أيضاً كان يعاني الكثير من الغموض ,, ففي وصف للمؤرخ العراقي المعاصر عباس العزاوي في كتابه تاريخ العراق بين احتلالين قال عن تلك الفتره : {مراجعنا في هذا العهد غامضه } , و قد ارجع ذلك ذلك رحمه الله الى أن هذا العهد يعد من أنحس الأدوار وأسوئها (2) .. وحتى مؤرخي مكه المكرمه المتأخرين نراهم في الكثير من أخبار مكه في تلك الفترة ينقلون عن مؤرخي غير مكيين كابن خلدون , وابن كثير , فلايعرف من مؤرخي مكه في تلك الحقبه الا الطبري ( ت 694هـ ) , ونجد الفاسي ( ت 832هـ ) يتعجب من الحاله التي كان عليها التدوين بمكه حيث قال : {واني لأعجب من اهمال فضلاء مكه بعد الأزرقي ( ت بعد 250هـ ) للتأليف على منوال تاريخه } .. أما شرق الجزيره العربيه فيبدوا أن تاريخيه أيضاً يعاني الكثير من الغموض , باستثناء ديوان ابن المقرب وماورد عليه من شروحات , وبعض الاشارات التي وردت في تراجم عن حكامه عند مؤرخين من خارج المنطقه . وفي جنوب الجزيره العربيه نجد أن في اليمن بعض المدونات التاريخيه ويبدوا ان سبب ذلك الازدهار الذي شهدته اليمن لوجود الدوله الرسوليه فيها , أما بقية أرجاء جنوب الجزيره العربيه فلايبدوا حال التدوين أفضل من غيره ,, ففي عمان يلف الغموض تاريخ دولة آل نبهان حتى بداية القرن العاشر (4) , أما المخلاف السليماني .. فلا يعرف له تاريخ مستقل قبل القرن العاشر عندما دون المؤرخ أحمد بن مغيزل الأسدي البلاع ( ت 963هـ ) أخبار المخلاف في كتابه {الجواهر الحسان في تاريخ صبيا وجيزان} (5) .. بالاضافة الى اليمن تعد المدينه المنوره من أكثر المناطق التي أخذت عناية المؤرخين ,وهم في الغالب من غير اهلها ,, وقد يكون السبب في ذلك الاستقرار السياسي حيث ان امارتها لم تخرج عن آل مهنا .. لقد كانت المنطقه في تلك الفترة تمر بفترة عصبيه نتيجة هجمات الصليبين والتتار , مما أثر سلباً على النواحي العلميه والثقافيه , الا أن هذا لايعني على أي حال عدم وجود مدونات للتاريخ النجدي في تلك الحقبه فجهلنا بها لايعني عدم وجودها ,خاصه وان الجزيره العربيه كانت على مايبدوا ملجأ لنازحين من العراق والشام ..



* من معوقات البحث :

تواجه الباحث في تلك الفتره مشكلة التقسيمات الجغرافيه المختلفه لدى المؤرخين والجغرافين , فيحدث الخلط مابين اليمامه الوادي والمنطقه , وتبرز اشكالية {عالية نجد} حيث يصفها البعض بأنها من نجد وآخرون يجعلونها من أعمال المدينه المنوره , وهناك الجزء الشمالي من نجد وخاصة جبلي طئ وماحولهما من المناطق التي يطلق عليها أحياناً {نجد }, وأحياناً اخرى {نجد الحجاز }... وبشكل عام نرى أن مؤرخي تلك الفتره يحددون نجداً بأنها تلك المنطقه التي حدودها الشماليه العراق والشام , والشرقيه {بلاد البحرين } المنطقه الشرقيه في وقتنا الحاضر , ومن الغرب الحجاز أي جبال السروات , ومن الجنوب {اليمامه }, الا أنني في هذا الكتاب أضفت اليمامه التي اختلف على نجديتها قديماً .. ومن المشكلات التي تشكل على الباحث عند تعقبه تعليقات الجغرافين والمؤرخين فاءنهم ينقلون بعض الاخبار عن موضع ما.. {بأنه من مساكن قبيلة كذا} .. عن مؤرخ قديم فيظن القارئ بأن هذا التعليق يقصد به عصر المؤرخ مع أن تلك القبيله تكون قد ارتحلت عن ذلك الموضع . ويستخدم بعض المؤرخين أسلوب التعميم فيقول مثلاً: ان قبيلة كذا ارتحلت ولم يبق منهم احد , ونجد له تعليقاً آخر في نفس الكتاب يفيد بوجود بقايا من تلك القبيله في نفس المنطقه , وان كان فرعاً صغيراً هو الذي بقى فهو ينفي ماذكره سابقاً } .. نجد لدى بدو الشمال مهوى افئدتهم وارض آبائهم واجدادهم , موطن النخوة والاباء والكرام اللواتي بها يتغنون , حتى العرب الذين قدموا بالهجرات الباكره , .... لاتزال ذكرى نجد تشدهم اليها وتستهويهم أكثر من الحجاز نفسها , وان مكانة نجد لدى هؤلاء جميعاً تعدل مكانة انكلترا لدى المستوطنين الامريكيين والاسترالين .. {ولفرد بلنت } مستشرق انجليزي زار المنطقه في القرن الثالث عشر ..

* تعريف بالبادية واحوالها وعلاقتها :

لم تكن البادية بمعزل عن الظروف التي مرت بها المنطقة فتغيرت احوالها عما كانت عليه في السابق , فابن خلدون أطلق عليها لقب العرب المستعجمه تمييزاً لها عن عرب صدر الأسلام والجاهليه .. وهذا الفصل لمحة عن احوال البادية والظروف التي أدت لبروزها , وعلاقتها مع الأطراف الأخرى .

* لماذا سموا العرب المستعجمه ؟

قال ابن خلدون عن سبب تسميتهم بالعرب المستعجمه : { ان اللسان المضري الذي وقع به الاعجاز ونزل به القرآن فثوى فيهم وتبدل اعرابه فمالوا الى العجمه . وان كانت الأوضاع في أصلها صحيحه , واستحقوا أن يوصفوا بالعجمه من أجل الأعراب , فلذلك قلنا العرب المستعجمه } ..

* متى برزت العرب المستعجمه ؟

أما عن الظروف التي أدت لبروزهم فيقول ابن خلدون : { هؤلاء كلهم ( القبائل العربيه) انفقتم الدوله الاسلاميه العربيه ,فنبا منهم الثغور القصيه , واكلتهم الاقطار المتباعده , واستلحمتهم الوقائع المذكورة , فلم يبق منهم حي يطرق , ولا حلة تنجع ولاعشير يعرف ... متفرقين في الامصار ألوى الخمول بجملتهم , ... وقام بالاسلام والملة غيرهم , وصار الملك والأمر في ايدي سواهم ... وانقرض أكثر الشعوب الذين كان لهم الملك من هؤلاء فلم يبقى لهم ذكر , وانتبذ بقية هذه الشعوب من هذه الطبقه بالقفار واقاموا أحياء بادين لم يفارقوا الحلل ولاتركوا البداوة والخشونه , فلم يتورطوا في مهلكة الترف ولاغرقوا في بحر النعيم , ولافقدوا في غيابات الأمصار والحضاره }..ويضيف ابن خلدون : {وأقامت هذه الاحياء في صحاري من الغرب والمشرق بافريقيه ومصر والشام والحجاز والعراق وكرمان , كما من سلفهم من ربيعه ومضر وكهلان بالجاهليه , وعثوا وكثروا وانقرض الملك العربي الاسلامي . وطرق الدول الهرم الذي هو شأنها واعتز بعض أهل هذا الجيل غرباً وشرقاً فأستعملتهم الدول وولوهم الامارة على احيائهم وأقطوعهم في الضاحيه والامصار والتلول وأصبحوا جيلاً في العالم ناشئاً , كثروا سائر أهله من العجم ..ولهم في تلك الاماره دول,فأستحقوا أن تذكر اخبارهم , وتلحق بالأجيال من العرب سلفهم } . وقد بدأ بروز القبائل المستعجمه في القرن الرابع الهجري عندما ضعفت الخلافه العباسيه,وأصبح نفوذها ينحصر في العراق , ولعل مقولة ذلك المؤرخ (( المجهول )) الذي تنقله المؤرخون من بعده يقدم وصفاً دقيقاً للحاله العامه للأمه الاسلاميه حين قال : { وصارت الدنيا في أيد المتغلبين, وصاروا ملوك الطوائف , وكل من حصل في يده ملكه ومنع ماله .... ولم يتبق في يد السلطان وابن مقلة غير السواد والعراق (7) } . لقد لعبت الباديه العربيه دوراً مهماً في تلك الحقبه عندما كان زمام السلطه بيد غير العرب , فأسسوا دولاً وامارات في بقاع شتى , واضطر السلاطين للخضوع لمطالبهم مرغمين .


* ماميز البادية في ذلك العهد :

من الظواهر التي ذاعت في تلك الفترة لدى بعض شيوخ البوادي ادعاء الانتساب لأصول غير عربية , وحمل أسماء غير عربية , ويبدوا أن هدف شيوخ البادية هو التقرب من أصحاب السلطه من غير العرب (8) .. ولقد كان لباس أهل البادية الرجال منهم الطراطير الحمر من تحت العمائم الشاميه من القطن , وخلعهم اما مسمط أو كنجي , أما النساء فلبسهم ثوب من قطن , وبرقع مصبوغ , وسوار من حديد . وفي القرن الثامن عندما كان السلطان الناصر يبذل لشيوخ البادية ونسائهم العطاء حدث تطور في ملابسهم حيث يصف المقريزي ملبسهم بأنها اصبحت حرير , والشاشات المرموقه بالطرز , والقرضيات بالطرز الزركشي والداير الباولي , أما النساء فأصبحن يلبسن أطواق الذهب المرصع , والشنابرة المشهرة بأكر الذهب , والأساور المرصعة بالجواهر واللؤلؤ , وبعث لهم السلطان القماش السكندري والشرب والشمع , وعمل لهن البراقع المزركشه والمسك وأنواع الطيب (9) .



* العلاقه مابين الباديه والحاضرة في تلك الحقبه الزمنيه :

تختلف العلاقه باختلاف المنطقه ومدى تحضرها , وثروتها الزراعيه أو البحريه , ومدى قربها أو بعدها من الدول القويه , ففي نجد في ذلك العهد قليلة هي الحواضر في غير اليمامة , هذا ماأعطى للبادية دوراً كبيراً , أما القبائل اليمامية كبني كلاب , وآل عائذ فلقد كان منهم أسر متحضرة وباديه , أي أن العلاقة كانت وثيقة مابين البادية والحاضرة في اليمامه . وبشكل عام يبدوا أن ماقالته الليدي أن بلنت يقدم تصوراً دقيقاً للعلاقه التي كانت تقوم بين الطرفين قبل قيام الدوله السعودية حيث قالت: { ان تأمين الحماية عند السفر خارج أسوار البلدة أمر أساسي للحياة في الجزيره العربيه , وعليه تقوم كل البنى السياسيه لحكومتها , حيث تضع المدن نفسها تحت حماية شيخ البدو الرئيسي في المنطقه , والذي يأخذ أتاوة سنوية مقابل ضمان حماية السكان خارج أسوار مدنهم , ... الى أن بدأت تنشأ بذور فيدراليه وتتطور أحياناً الى قوميه } .. وتضيف بلنت : { ثم نشأ تطور بارز , نتيجة لغنى الشيخ البدوي , فأصبح قادراً على بناء قصر له بالقرب من احدى تلك المدن ليسكنه في فترة الصيف , ... ويصبح الحاكم الفعلي للمدينه , وينتقل من حام لمواطينها الى ملك لهم (10) } .

* علاقة البادية بالدول :

الحديث عن علاقة البادية بالدول في ذلك العهد حديث يطول , وقد صدرت عدة دراسات عنيت بذلك , ولقد وجدت ؟اثناء بحثي وصايا مرسلة الى أ مير المدينة تقدم وصفاً دقيقاً لنظرة السلاطين في ذلك العهد للبادية حيث ذكر فيها : { وأهل البادية هم حزبك الجيش اللهام , وحربك اذا كان وقودها جثث وهام , وهم قوم لم يؤدبهم الحضر , ولايبيت احد منهم لأنفته على حذر , فاستجلب بمداراتك قلوبهم الأشتات , وبادر حبال ابلهم النافرة قبل الآنبتات , وترقب مراسمنا المطاعه اذا ذرت لك مشارقها (11) } . وباختصار يمكننا أن نقسم علاقة البادية بالدول في ذلك العهد الى قسمين : عرب الطاعه وهم من كانت تصدر لهم مراسيم التعيين , وتوكل لهم مهام مقابل الهبات والعطايا , والاقطاعات (12) , وهؤلاء كانوا في الغالب من البادية التي تتنقل مابين نجد والشام كبني كلاب , وربيعة طئ , أو كبادية شمالي نجد التي كانت تصدر لهم المخاطبات عبر أمير المدينة (13) . أما بادية اليمامه والغالبية العظمى من قبائل نجد فهم من غير عرب الطاعه , ولاتصدر لهم المخاطبات من السلاطين , الا انهم تحالفوا في بعض الأزمنه مع عرب الطاعه , وان كان للبعض منهم علاقات مع السلاطين , ومن الأمثلة على ذلك ماكان يكلف به الدواسر من تسمين للخيل (14) .

* علاقات البادية النجدية ببلاد البحرين :

قديماً كان يعرف شرق الجزيره العربيه ببلاد البحرين , وعلاقة نجد ببلاد البحرين وثيقه وخاصه مع البادية في تلك الحقبه الزمنيه , فالبادية ترد الأحساء بشكل خاص في فصل الصيف لاكتيال التمر الذي تشتهر به , وكانت علاقة الدول والامارات في شرق الجزيره مميزه مع الباديه النجديه , فهم يستعينون بهم في غزواتهم , ويعطونهم الأتاوات لحفظ طرق قوفل الحج والتجارة . ومن نتائج تلك العلاقه المميزه توغل البادية في الواحات الأحسائيه حتى يبدأ نفوذها في الازدياد فيستولوا على السلطة فيها , فالدوله العيونيه , والدوله العصفوريه , والدوله الجبريه , جميعها قبائل في الأصل نجدية انتقلت لشرق الجزيره , ولكون تلك القبائل في الأصل نجدية نجدها حريصه على مد نفوذها الى نجد قدر مااستطاعت ذلك .

* علاقة البادية النجدية بالحجاز :

في الحجاز حيث بلاد الحرمين مكه , والمدينه المنوره , برزت امارة آل مهنا الحسينين (15) في المدينه المنوره , والهواشم (16) ومن ثم آل قتادة (17) وكلاهما من آل الجون (18) الحسنين في مكه المكرمه . لاتبدو علاقة مكه المكرمه بالباديه النجديه قوية في تلك الحقبه كما كان من قبل , ففي القرن الثالث كان مسكن آل الجون السويقة القريبه من ضرية في عالية نجد , وانتقل فرع منهم الى الخضرمة في اليمامة عرف بـآل الأخيضر وأسسوا امارة كان لها دور هام في تاريخ نجد (19) , الا ان علاقتهم على مايبدوا انقطعت عن نجد حيث لم أجد أي اشارات تفيد بوجود أي دور لهم باستثناء الحقبه التي حكم فيها الشريف قتادة . أما آل مهنا أمراء المدينه المنوره فكانت علاقتهم وثيقة بنجد حتى أن بعض الجغرافيين عدها من نجد , فالسمهودي المؤرخ المدني في القرن التاسع الهجري قال عن المدينه المنوره قال : {بعضهم نصفها حجازي , ونصفها تهامي , وقيل هي نجدية (20) }. وكان القسم الغربي من نجد في صدر الاسلام يتبع عامل المدينه (21) , ولقد كان آل مهنا يستعينون بالبادية النجدية لمواجهة أعدائهم الداخلين (22) والخارجين , والكثير منهم تزوج من البادية (23) . وانتقل من آل مهنا كما سيمر معنا بعض الأسر للعيش في نجد (24) .



* أقسام البادية النجدية :

- بادية اليمامة :

شهدت اليمامه طوال تاريخها تموجات قبليه , وعدم استقرار على عكس المناطق المناطق النجدية الاخرى , ومرجع تلك التموجات على مايبدوا طبيعتها الجغرافية المفتوحه , وغناها بالثروات الزراعيه , وموقعها الذي يتوسط الجزيره العربيه. وعندما تهطل الأمطار تصبح مقصداً للقبائل التي تأتيها من كل مكان في فصل الربيع , لترعى مواشيها . وأبرز قبائل اليمامة في فترة البحث هي قبائل عائذ بني سعيد , وقبائل قيس عيلان خاصة العامرية .


- بادية عالية نجد :

ان القبائل القيسيه هم أهل عالية نجد منذ العصر الجاهلي , وخاصة بني كلاب , ولاتشير المصادر التي بين أيدينا الى أن أحداً من غيرها قد زاحمهم عليها حتى بدايات القرن الثامن , حين بدأت القبائل الطائية في التوغل في العالية , وأشراف المدينه , أما قبل ذلك فكانت ترحل قبائل قيسيه وتحل اخرى , من باهله , بني سليم , بني هلال وغيرها .....


- بادية شمال نجد :

بقيت القبائل الطائية في موطنها القديم منذ العصر الجاهلي في جبليها اللذين سميا بها (( جبلي طئ )) , وتوسعت مساكنها ناحية الغرب الى المدينه المنوره , وناحية الشمال الى اطراف الشام و العراق , بعد ضعف بعض القبائل وارتحال اخرى كبني اسد , وبني تميم , غطفان ...... ) ,, الا أن القبائل الطائية زاحمت بعضها البعض , ونستطيع أن نحدد قبائل بني عنين , وبني لام كأبرز قبيلتين من طئ في ذلك العهد , ويتبعهم بنونبهان , شمر , زبيد , وأبرز القبائل التي قاسمت الطائيين شمالي نجد هم بنو عقيل العامرية. وهناك قبائل على الدرب الحاج العراقي كغزية , والمنتفق , تتوغل في الاطراف الشماليه لنجد .


- بادية القصيم :

لانعلم الكثير عن بادية القصيم الا ماورد عن انتشار بني خالد فيها , ومن ثم انتشار بني لام , الا أن باديتها على الأرجح ممن عرفوا ببادية { برية الحجاز} , أي البادية التي كانت تتنقل مابين الحجاز وشمالي نجد وتمر بالقصيم .


- بادية شرقي نجد :

لبادية نجد علاقة وثيقة بشرق الجزيرة ومايحدث فيها من أحداث سياسية , فتتأثر وتؤثر بالدول والامارات التي فيها , وشرقي نجد من المناطق الهامة , وباديتها تتنقل مابين الصمان , والبصره , والأحساء , وأبرز قبائلها هم بنوعبدالقيس وبنوعقيل .

{وما أرى أن في المعمور أرضاً أفسح بسيطاً , ولاأوسع أنفاً , ولاأطيب نسيماً ولاأصح هواء , ولاأمد استواء , ولاأصفى جواً , ولاأنقى تربة , ولاأنعش للنفوس والأبدان , ولاأحسن اعتدالاً في كل الأزمان من أرض نجد .. ووصف محاسنها يطول , والقول فيها يتسع }... الرحالة محمد بن جبير الاندلسي ( ت 614هـ ) .




* الوضع العام في نجد :-

لقد كانت الحالة العامة في نجد في الفترة الواقعة مابين القرن الثالث والخامس على أسوأ حال عندما كانت خاضعه للنفوذ القرمطي , ويبدوا أن نجداً قد بدأت تتعافى من الفتره العصيبه التي مرت بها .


* الحياة الاجتماعية :

شهدت نجد تغيرات اجتماعية هامة , فهناك عشائر كعشيرة بني الأخيضر العلويين أمراء الخضرمة انتقلوا من سكنى المدن بعد سقوط اماراتهم الى حياة البداوه (25) , وهناك قبائل كبيره كقبيلة بني تميم تفرقوا في الحواضر بعد أن كانوا من أكبر قبائل البادية (26) . وقد تميزت الحواضر النجدية بأن سكانها من الحضر ينتمون الى قبائل عريقة ,وأبرز القبائل النجدية المتحضره في ذلك العهد : بنوحنيفة , وبنو تميم , وبنو جعدة العامرية , بالاضافه الى القبائل التي منها بادية وحاضرة كآل عائذ بني سعيد .


* الحياة العلمية:

يبدوا أن الحياة العلمية في نجد كانت أفضل من مناطق أخرى في الجزيره العربيه خاصة ممايتصل بالعلوم الشرعية , اذ أن هناك العديد من الأخبار تدل على أن الباديه كانوا حريصين على تعاليم الدين الاسلامي على مذهب أهل السنه والجماعة , بل انهم اصطدموا مع من اراد مخالفة تعاليم الدين الحنيف (27) , وليس أدل على ذلك ماقامت به بادية بني جبر العامرية الذين أقاموا دولة في الاحساء في القرن التاسع قادمين من شمالي نجد من احياء تعاليم الدين الاسلامي على مذهب أهل السنة والجماعة (28) . ويبدوا أن مرجع هذا الازدهار العلمي : الهجرة الكبيره التي شهدتها بلاد العراق والشام الى الجزيرة العربيه نتيجة لهجوم التتار , بالاضافة الى العلاقات المميزة التي كانت تربط قبائل الباديه بأهم علماء ذلك العصر (29) , ويذكر المؤرخون أن الشيخ احمد بن تيميه كانت تربطه علاقه مميزه معهم خاصة مع مهنا بن عيسى الطائي الذي كان يعيش في نجد (30) , بل ان شيخ الاسلام رحمه الله ألف مصنفاً جليلاً في تحريم اغارة البوادي على بعضهم (31) , وهذا يفسر تأثر أهل نجد به , ووجود بعض مؤلفاته بخطه في نجد حتى وقتنا الحاضر (32) . ولم تقتصر علاقة البادية النجدية على علماء الشريعة بل كانت لهم علاقات طيبه مع غيرهم ممن عاشوا في نجد كالتلمساني الكوفي , صاحب المصنفات العديده في النحو , والرياضيات ... وله قصيده يخاطب فيها بادية نجد منها :

ياعرب نجد مامضى من عيشنا = أترى نعود لنا به الأيــــــام
ردو الكرى ان طال عز وصا = لكم فعسى تمثله لي الأحلام (33)

ومن أشهر المراكز العلمية في نجد في ذلك العهد حاضرة بادية الجزء الشمالي من نجد ومحطة الحاج الشهيره مدينة فيد , التي وصفها الدكتور عبدالعزيز السنيدي بأنها كانت تتمتع بمكانه علميه بارزه منذ القرن الأول الهجري حيث كان مسجدها الجامع مركزاً علمياً يستقطب العلماء وطلاب العلم (34) .


* الحياة الثقافيه في نجد :

لانعرف الكثير عن الحياة الثقافية في نجد الا ماورد عن بدء ظهور الشعر العامي أو مايعرف (( بالنبطي )) , وهو الشعر الذي يتناقله جمهور الناس بلهجتهم (35) , ولم تفتقد قصائدهم للفصحى بل كانت تحتل موقعاوسطا بين الفصحى والعامية كما يصفها الصويان , وبرز شعر عرف بالقيسي نسبت لقبائل قيس بن عيلان احد ابرز قبائل الجزيره العربيه في ذلك العهد (36) . ولايعني ذلك نهاية الشعر الفصيح فلقد ورد ذكر بعض شعراء الفصحى من بادية نجد كشريك بن نجام اللامي الذي نقل عنه العمري قصيده منها :

نواسل للقاء اذا اجتمعنا = عددنا مثل اقمار السماء
ولما أن أتوا قمنا اليهم = مقام الأسد تقدم للضراء (37)


* البناء في نجد :
عرفت نجد بناء المساكن والآطام والقصور منذ القدم (38) , الا أن الملفت في الحقبة التي هي محل البحث التغيرات المتسارعه في بناء المدن واندثارها (39) , وهي ظاهرة ذاعت حتى خارج الجزيرة العربية , وعلى الأرجح ان السبب في ذلك هو أن النفوذ في ذلك العهد للبادية التي لاتعرف الاستقرار .. وفي الاجزاء الشمالية من نجد ازدهرت عدة مدن كسميره , وفيد على طريق الحاج التي كانت تعتمد على التجارة مع الحجاج . وانتشر بناء القصور لبعض شيوخ البادية بالقرب من موارد الماء (40) . واليمامة لما فيها من ثروات زراعية بها العديد من الحواضر , وابرزها قاعدتها حجر والخضرمة (41) .


* الحياة الاقتصادية :
استمرت نجد بشكل عام واليمامه بشكل خاص غنية بثروتها الزراعية , خاصة منطقة الخرج بقاعدتها الخضرمة التي وصفت في القرن السادس بأنها لاتزال بلدة عامرة , وبها من النخيل أكثر مما في بلاد الحجاز جميعها (42) , ويبدوا أن الانتاج الزراعي في الخرج قد تحول من زراعة النخيل الى الحنطة في القرن الثامن فأصبح أهل الأحساء يجلبون التمر اليها , ويستبدلون كل راحلتين من التمر براحله من الحنطة (43) , وهذا يدل على التطور الاقتصادي , أيضاً منطقة سدير التي وصفها العمري في القرن الثامن بأن بها مياه جارية وخيرات زراعية . ومن ابرز صادرات نجد في تلك الحقبه الخيل التي اشتهرت به الجزيره العربيه بشكل عام ونجد بشكل خاص , فكان لسلطان مصر خيل تسمن لدى قبيلة الدواسر (44) , وكان في بعض مدن الجزيره العربيه أسواق للخيل , فكانت القبائل العامريه والطائيه تجلب الخيل من الجزيره العربيه الى مصر لتبيعه بأثمان باهضه (45) . ان اختيار شخصيات مشهوره كتنكز نائب السلطنه في الشام , والمظفر بيبرس السلطان المملوكي (46) , وغيرهم لنجد كملاذ آمان فذلك العهد يدعونا الى الاعتقاد بأنها كانت بحاله أفضل من غيرها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(2) تاريخ العراق بين احتلالين , لعباس فائق العزاوي , ج2 , ص9 .
(3) للمزيد من التفاصيل راجع معجم ما ألف عن مكه , للدكتور عبدالعزيز السنيدي , ص 17 .
(4) تحفة الاعيان بسيرة أهل عمان , لعبدالله السالمي , ج1 , ص 357 .
(5) خلاصة العسجد , لعبدالرحمن البهكلي , ص60 .
(6) تاريخ ابن خلدون , ص 1556 .
(7) الامارة الطائية في بلاد الشام , للدكتور مصطفى الحياري , ص 41 .
(8) تاريخ ابن خلدون , ص 70 .
(9) السلوك لمعرفة دول الملوك , لأحمد بن علي المقريزي , ج3 , ص305 .
(10) رحلة الى نجد , لليدي آن بلنت , ترجمة وتحقيق أحمد بيش , ص 279 .
(11) صبح الأعشى , لأحمد القلقشندي , ج12 , ص257.
(12) للمزيد من التفاصيل راجع الاماره الطائية .
(13) صبح الاعشى , ج4 , ص 284 .
(14) المصدر السابق , ج5 , ص58 .
(15) أول من تولى منهم امارة المدينه حسين بن مهنا ,(التحفة اللطيفة في تاريخ المدينه , للسخاوي , ج1 , ص56).
(16) أول من تولى منهم امارة مكه محمد بن جعفر بن محمد ( الملقب أبي هاشم ) , ( ابن خلدون , ص 967 ) .
(17) أول من تولى منهم امارة مكه قتاده بن ادريس بن مطاعن , ( ابن خلدون , ص 967 ) .
(18) هو موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه , لقب بالجون لأنه كان اسود
اللون فلقبته امه هند بالجون وكانت ترقصه وهو طفل وتقول له : انك أن تكون جوناً أفرعا يوشك أن تسودهم وتبرعا
(عمدة الطالب , ص 123) .
(19) للمزيد من التفاصيل راجع مقالنا في جريدة الجزيرة ( مشاهد من تاريخ الخضرمة السياسي باليمامة ) .
(20) خلاصة الوفاء , للسمهودي , طبعة مصر , ج2 , ص277 .
(21) المعجم الجغرافي لعالية نجد , لسعد الجنيدل , ج1 , ص8 .
(22) تاريخ المدينة المنورة , لعبدالله بن فرحون , ص 239 .
(23) منهم من تزوج من آل عائذ , بني خالد , مطير , بني لام , للمزيد من التفاصيل راجع تحفة الأزهار وزلال الأنهار , ج2 ص313 , 383 , 393.
(24) المصدر السابق , ج2 , ص383 .
(25) عمدة الطالب في أنساب آل طالب , لجمال الدين الحسيني , ص134 .
(26) تاريخ ابن خلدون , ص480 .
(27) للمزيد من التفاصيل راجع مقال (( الصراع على السلطة في دولة الجبور )) للدكتور عبداللطيف الحميدان , ص 74 .
(28) الامارة الطائية , مصدر السابق , ص 103 .
(29) في قصيدة رثاء الصفدي لمهنا بن عيسى قال فيها :
وأقام في نجد بحصن مانع = لاتسطيع له الجيوش تخلصا
أعيان العصر وأعوان النصر , لخليل الصفدي , ج5 , ص462
(31) البداية والنهاية , لابن كثير , ج 3 , ص437 .
(32) مالئ الدنيا ونافع الناس , مقال لراشد بن محمد العساكر .
(33) عقد الجمان , للعيني , ج3 , ص 96 .
(34) مدينة فيد , للدكتور عبدالعزيز السنيدي , ص 115 .
(35) الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص , للدكتور سعد الصويان , ص 67 .
(36) للمزيد من التفاصيل راجع المصدر السابق , ص 243.
(37) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة , لابن حجر العسقلاني , ج2 , ص 189 .
(38) ولاية اليمامه , للدكتور صالح الوشمي , ص 289 .
(39) من الأمثلة على ذلك ماذكره الرحاله الادريسي عن خراب حجر ثم ورد عند ابن بطوطه بأنها بلد عامر .
(40) تذكرة بالاخبار عن اتفاقات الاسفار , لمحمد بن جبير الاندلسي , ص 160 , ص 163.
(41) للمزيد من التفاصيل راجع مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ , لحمد الجاسر , 56 .
(42) نزهة المشتاق في اختراق الآفاق , لشريف الادريسي , ج1 , ص 160-161.
(43) تقويم البلدان, لأبي الفداء , طبعة دار صادر , ص99.
(44) أصول الخيل العربيه الحديثه , لحمد الجاسر , ص 103.
(45) المصدر السابق , ص 150.
(46) مسالك الابصار , مصدر سابق , ص 149 , ص151 .


 

رد مع اقتباس