الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين
وعلى آله و صحبه و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا يا رب العالمين
أما بعد ,,,
*** عشرون وصية طبية في شهر رمضان ***
سيهل علينا شهر رمضان ، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من
النار . ومع إطلالة هذا الشهر المبارك يحلو الحديث عن الفوائد الروحية والنفسية
والجسدية لصيام رمضان , ولكن هناك وقفات صحية ن، ووصايا طبية ، لا بد أن
نعيرها شيئا من الانتباه ليكون لنا رمضان أيضا الصحة والنشاط والعطاء .
ونستعرض في هذا المقال بعضا من تلك الوصايا :
1 - كلوا واشربوا ولا تسرفوا "الأعراف " ::
تلك هي آية في كتاب الله ، جمعت علم الغذاء كله في ثلاث كلمات . فإذا جاء شهر
رمضان ، والتزم الصائم بهذه الآية ، وتجنب الإفراط في الدهون والحلويات والأطعمة
الثقيلة ، وخرج في نهاية شهر رمضان ، وقد نقص وزنه قليلا ، وانخفضت الدهون ،
يكون في غاية الصحة والسعادة ، وبذلك يجد في رمضان وقاية لقلبه ، وارتياحا في
جسده . فالكنافةأوالقطائف وكثير من الحلويات واللحوم والدسم تتحول في الجسم إلى
دهون ، وزيادة في الوزن ، وعبء على القلب . وقد اعتاد الكثير منا على حشو بطنه
بأصناف الطعام ، ثم يطفئ لهيب المعدة بزجاجات المياه الغازية أو المثلجات .
وقد أكد الباحثون أنه على الرغم من عدم التزام الكثير من المسلمين ، للأسف
الشديد ، بقواعد الإسلام الصحية في غذاء رمضان ورغم إسرافهم في تناول الأطباق
الرمضانية الدسمة والحلويات ، فإن صيام رمضان قد يحقق نقصا في وزن الصائمين
بمقدار 2-3 كيلوجرامات في عدد من الدراسات العلمية .
2 لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر .حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه ::
وفي التعجيل بالإفطار آثار صحية ونفسية هامة . فالصائم يكون في ذلك الوقت بحاجة
ماسة إلى ما يعوضه عما فقد من ماء وطاقة أثناء النهار والتأخير في الإفطار يزيد
من انخفاض سكر الدم ، مما يؤدي إلى شعور بالهبوط والإعياء العام وفي ذلك تعذيب
نفسي لا طائل منه ، ولا ترضاه الشريعة السمحاء .
3- إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر :وهذا حديث آخر لرسول الله صلى الله عليه
وسلم رواه الأربعة . وعن أنس رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يفطر قبل أن يصلي على رطيبات ، فإن لم تكن رطيبات فتمرات ، فإن لم تكن تمرات
حسا حسوات من الماء " رواه الترمذي وأبو داود ::
فالصائم عند الإفطار بحاجة إلى مصدر سكري سريع ، يدفع عنه الجوع ، مثلما هو
بحاجة إلى الماء . والإفطار على التمر والماء يحقق الهدفين وهما دفع الجوع
والعطش . وتستطيع المعدة والأمعاء الخالية امتصاص المواد السكرية بسرعة كبيرة
، كما يحتوي الرطب والتمر على كمية من الألياف مما يقي من الإمساك ، ويعطي
الإنسان شعورا بالامتلاء فلا يكثر الصائم من تناول مختلف أنواع الطعام .
4- أفطر على مرحلتين :فقد كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يعجل فطره على تمرات أو ماء ، ثم يعجل صلاة المغرب ، ويقدمها على إكمال
طعام إفطاره::
وفي ذلك حكمة نبوية رائعة . فتناول شيء من التمر والماء ينبه المعدة تنبيها حقيقيا
، وخلال فترة الصلاة تقوم المعدة بامتصاص المادة السكرية والماء ، ويزول الشعور
بالعطش والجوع . ويعود الصائم بعد الصلاة إلى إكمال إفطاره، وقد زال عنه الشعور
بالمهم . ومن المعروف أن تناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة وبسرعة قد
يؤدي إلى انتفاخ المعدة وحدوث تلبك معوي وعسر هضم .
5- اختر لنفسك غذاء صحيا متكاملا::
فاحرص على أن يكون غذاؤك متنوعا وشاملا لكافة العناصر الغذائية ، واجعل في
طعام إفطارك مقدارا وافرا من السلطة ، فهي غنية بالألياف ، كما تعطيك إحساسا
بالامتلاء والشبع ، فتأكل كمية أقل من باقي الطعام . وتجنب التوابل البهارات
والمخللات قدر الإمكان . كما يستحسن تجنب المقالي والمسبكات ، فقد تسبب عسر
الهضم وتلبك الأمعاء .
6 – فقد أوصي الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بضرورة تناول وجبة
السحور ::
ولا شك في أن تناول السحور يفيد في منع حدوث الإعياء والصداع أثناء نهار
رمضان ، ويخفف من الشعور بالعطش الشديد .
كما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تأخير السحور فقال : "ما تزال أمتي بخير
ما تجملوا ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور "
ويستحسن أن يحتوي طعام السحور على أغذية سهلة الهضم كاللبن الزبادي والعسل
والفواكه وغيرها .
7- وصية لتجنب الإحساس بالعطش ::
حاول تجنب الأغذية الشديدة الملوحة ، وتجنب التوابل والبهارات وخاصة عندالسحور
لأنها تزيد الاحساس بالعطش . ويستحسن تجنب استعمال الأغذية المحفوظة أو
الوجبات السريعة التحضير .
واشرب كمية كافية من الماء مع عدم المبالغة في ذلك.
8- وصية لتجنب الإمساك ::
وإذا كنت ممن يصابون بالإمساك ، فأكثر من تناول الأغذية الغنية بالألياف الموجودة
في السلطات والبقول والفواكه والخضار ، وحاول أن تكثر من الفواكه بدلا من
الحلويات الرمضانية ، واحرص على صلاة التراويح وأداء النشاط الحركي المعتاد.
9- تجنب النوم بعد الإفطار ::
بعض الناس يلجأ إلى النوم بعد الإفطار والحقيقة ، فإن النوم بعد تناول وجبة طعام
كبيرة ودسمة قد يزيد من خمول الإنسان وكسله . ولا بأس من الإسترخاء قليلا بعد
تناول الطعام . وتظل النصيحة الذهبية لهؤلاء الناس هي ضرورة الاعتدال في تناول
طعامهم ، ثم النهوض لصلاة العشاء والتراويح ، فهي تساعد على هضم الطعام ، وتعيد لهم نشاطهم وحيويتهم .
10- رمضان فرصة للتوقف على التدخين::
من المؤكد أن فوائد التوقف عن التدخين تبدأ منذ اليوم الأول الذي يقلع فيه المرء
عن التدخين ، فمتى توقف عن التدخين بدأ الدم يمتص الأوكسيجين بدلا من غاز أول
أكسيد الكربون السام ، وبذلك تستقبل أعضاء الجسم دما مليئا بالأوكسجين ، وتخف
الأعباء الملقاة على القلب شيئا فشيئا .
والمدخنون الذين يريدون الإقلاع عن هذه العادة الذميمة سوف يجدون في رمضان
فرصة جيدة للتدرب على ذلك . فإذا كنت أيها الصائم تستطيع الإقلاع عن التدخين
لساعات طويلة أثناء النهار ، فلماذا لا تداوم على ذلك . وليس هذا صعب بالتأكيد،
لكنه يحتاج إلى عزيمة صادقة ، وتخيل دائم لما تسببه السيجارة من مصائب لك ولمن
حولك .
11- إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يغضب::
حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه . فماذا يفعل الغضب في رمضان ؟
من المعلوم أن الغضب يزيد من إفراز هرمون الأدرينالين في الجسم بمقدار كبير ،
وإذا ما حدث ذلك في أول الصيام ( أي أثناء هضم الطعام ) فقد يضطرب الهضم
ويسوء الامتصاص ، وإذا حدث أثناء النهار تحول شيء من الجليكوجين في الكبد إلى
سكر الجلوكوز ليمد الجسم بطاقة تدفعه للعراك ، وهي بالطبع طاقة ضائعة .
وقد يؤدي ارتفاع الأدرينالين إلى حدوث نوبة ذبحة صدرية عند المصابين بهذا
المصابين بهذا المرض ، كما أن التعرض المتكرر للضغوط النفسية يزيد من تشكل
النوع الضار من الكولسترول ، وهو أحد الأسباب الرئيسية لتصلب الشرايين .
12- وصية للحامل والمرضع في شهر رمضان ::
ينبغي على الحامل والمرضع استشارة الطبيب فإذا سمح لها بالصيام فينبغي عليها
عدم التهام كمية كبيرة من الطعام عند الإفطار ، وتوزيع طعام الإفطار المعتدل إلى
وجبتين : الأولى عند الإفطار ، والباقي بعد أربع ساعات . كما تنصح بتأخير وجبة
السحور ، والإكثار من اللبن الزبادي ، والإقلال من الطعام الدسم والحلويات .
أما المرضع ، فإن صامت فيجب أن توفر للمولود كمية إضافية من الماء والسوائل
ليشربها خلال ساعات الحر بجانب الرضاعة من ثدي الأم وعليها الاهتمام بغذائها من
حيث الكمية والنوعية . كما ينبغي أن تكثر من الرضعات في الفترة بين الإفطار
والسحور . فإذا ما شعرت بالتعب والإرهاق فعليها إنها صومها واستشارة الطبيب .
13- دربوا أطفالكم على الصيام برفق ولين ::
ينبغي تدريب الطفل على الصيام بعد سن السابعة ، وتعتبر السنة العاشرة السنة
النموذجية لصيام الطفل ، ولا يجوز ضربهم أو إجبارهم على الصيام لأن ذلك قد يدفع
الطفل إلى تناول المفطرات سرا ،وتكبر معه هذه الخيانة ، ويراعى التدرج في صيام
الطفل عاما بعد عام .
وعلى الأم أن تراقب طفلها أثناء صيامه ، فإذا شعرت بمرضه أو إرهاقه وجب عليها
أن تسارع بإفطاره . وهناك عدد من الأمراض التي تمنع الطفل من الصيام كمرض
السكر وفقر الدم وأمراض الكلى وغيرها .
وينصح الأباء والأمهات بأن يحتوي طعام الطفل على كافة العناصر الغذائية ، وأن
يحرصوا على إعطائه وجبة السحور .
14 – فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة أيام أخر "البقرة 184"
فمن رحمةالله بعبادة أن رخص للمريض الإفطار في شهر رمضان ، فإذا أخبر الطبيب
المسلم مريضه أنه إذا صام أدى صيامه
إلى زيادة المرض عليه أو إلى إهلاكه وجب عليه الإفطار .
والفطور رخصة للمريض ، كما هي للمسافر ، ولكن لو تحامل المريض على نفسه
وصام أجزاه الصوم ، ولا قضاء عليه ، غير أنه إذا شق عليه الصوم مشقة شديدة ،
فليس من البر الصوم في المرض ، بل ربما كان المريض أولى من المسافر بهذا ،
لأن المسافر الذي يشق عليه السفر يجب عليه الفطر خشية المرض ، فالمرض أشد
خطرا ، ولهذا قدم في القرآن على السفر .
15 – إن كنت مريضا راجع طبيبك قبل البدء بالصيام ::
فالقول الفصل في الصيام المريض أو عدمه هو للطبيب المسلم المعالج ، فهو أدري
بحالة المريض وعلاجه ، وهو الذي يعطي المريض النصيحة المثلى والإرشادات
المناسبة . فإذا سمح لمريضه بالصيام ، حدد خطة العلاج ، وقد يضطر لتعديل طريقة
تناول الدواء أو عدد جرعات الدواء .
16 – وصية لمرضى القلب :
يستطيع كثير من مرضى القلب الصيام ، فعدم حدوث عملية الهضم أثناء النهار تعني
جهدا أقل لعضلة القلب وراحة أكبر . فإن عشرة في المائة من كمية الدم التي يدفع
بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي أثناء عملية الهضم .
والمصابون بارتفاع ضغط الدم يستطيعون عادة الصيام شريطة تناول أدويتهم بانتظام
، وهناك حاليا العديد من الأدوية التي يمكن إعطاؤها مرة واحدة أو مرتين في اليوم .
وينبغي على هؤلاء المرضى تجنب الموالح والمخللات والإقلال من ملح الطعام ، أما
المصابون بالذبحة الصدرية المستقرة فيمكنهم عادة الصيام مع الاستمرار في تناول
الدواء بانتظام .
وهناك عدد من حالات القلب التي لا يسمح فيها بالصيام كمرضى الجلطة الحديثة ،
والمصابين بهبوط ( فشل ) القلب الحاد ، والمصابين بالذبحة القلبية غير المستقرة
وغيرهم .
17- وصية للمصابين بالحصيات الكلوية ::
إذا لم يكن لدى المرء حصيات كلوية من قبل فلا داعي للقلق في رمضان . أما إذا
كانت لديهم حصيات ، أو قصة تكر حدوث حصيات كلوية فيمكن أن تزداد حالتهم سوءا
إذا لم يشرب المريض السوائل بكميات كافية . ويستحسن في مرضى الحصيات بالذات
الامتناع عن الصيام في الأيام الشديدة الحرارة ، حيث تقل كمية البول بدرجة
ملحوظة . ويعود تقدير ذلك للطبيب المعالج ، وعموما ينصح مرضى الحصيات الكلوية
بتناول كميات كافية من السوائل في المساء وعند السحور ، مع تجنب التعرض للحر
والمجهود المضني أثناء النهار ، كما ينصح هؤلاء بالإقلال من تناول اللحوم ومواد
معينة مثل السبانخ والسلق والمكسرات وغيرها .
18- وصية لمرضى السكر ::
إذا قرر الطبيب أنه بإمكان مريض السكر الصيام ، فينبغي على المريض الالتزام
بوصايا الطبيب ، والمحافظة على نفس كمية ونوعية الغذاء الذي وصفه له .
وتقسم هذه الكمية إلى ثلاثة أجزاء متساوية ، بحيث يتناول الأولى عند الإفطار ،
والثانية بعد صلاة التراويح ، والثالثة عند السحور .
ويفضل تأجيل وجبة السحور قدر الإمكان ، والإكثار من تناول الماء ، والإقلال من
النشاط الجسدي أثناء فترة الصيام ، وخاصة في الفترة الحرجة ما بين العصر
والمغرب . وإذا شعر المريض بأعراض انخفاض السكر فعليه أن يفطر ولا ينتظر
وقت الإفطار ولو كان ذلك الوقت قريبا .
19- وصية للمصابين بعسر الهضم::
كثيرا ما تتحسن حالة هؤلاء المرضى في شهر رمضان ، شريطة ألا تكون لديهم
قرحة حادة في المعدة أو الإثنى عشر أو التهاب في المرئ أو أي سبب عضوي آخر .
وينصح هؤلاء بتناول وجبات صغيرة من الطعام ، وتجنب التخمة والأطعمة الدسمة
والحلويات ، كما ينصح بتجنب التعرض للضغوط النفسية الشديدة ، والابتعاد عن
البهارات والمسبكات .
20 – وصية أخيرة : هل حقا نحن نصوم رمضان ؟
فالصيام حركة في النهار سعيا وراء الرزق الحلال . وهو حركة في الليل في صلاة
التراويح ، وهو دعوة لجسم سليم ..وقلب تائب لله ، طامع في رحمته .
ولكن للأسف الشديد ، فإن الصيام الذي يمارسه البعض منا ، ليس هو الصيام الذي
شرعه الخالق ، فهو نوم لمعظم النهار ، وغضب لأتفه الأسباب ن بدعوى الصيام .
فالصيام عند البعض كسل جسدي ، وانفعال نفسي في النهار ، وتخمة وسهر في اللهو
والعبث في ليل رمضان .
أليس حراما أن نضيع هذا الموسم الفياض بالخيرات كل عام ؟
أليس رمضان موسما للطاعة والعبادة ، وموسما للصحة والسعادة ، وفوق هذا وذاك
رحمة ومغفرة وعتقا من النار ؟!