كانت المرة الأولي و لكنها لم تكن الأخيرة ... فبعد أيام ، تكرر نفس الموقف ، و سمعت رغد تبكي فأحضرتها إلى غرفتي و أخذت ألاعبها .
هذه المرة استجابت لملاعبتي و هدأت ، بل و ضحكت !
و كم كانت ضحكتها جميلة ! أسمعها للمرة الأولى !
فرحت بهذا الإنجاز العظيم ! فأنا جعلت رغد الباكية تضحك أخيرا !
و الآن سأجعلها تتعلم مناداتي باسمي !
" أيتها الصغيرة الجميلة ! هل تعرفين ما اسمي ؟ "
نظرت إلي باندهاش و كأنها لم تفهم لغتي . إنها تستطيع النطق بكلمات مبعثرة ، و لكن ( وليد ) ليس من ضمنها !
" أنا وليد ! "
لازالت تنظر إلى باستغراب !
" اسمي وليد ! هيا قولي : وليد ! "
لم يبد الأمر سهلا ! كيف يتعلم الأطفال الأسماء ؟
أشرت إلى عدة أشياء ، كالعين و الفم و الأنف و غيرها ، كلها أسماء تنطق بها و تعرفها . حتى حين أسألها :
" أين رغد ؟ "
فإنها تشير إلى نفسها .
" و الآن يا صغيرتي ، أين وليد ؟ "
أخذت أشير إلى نفسي و أكرر :
" وليد ! وليـــد ! أنا وليد !
أنت ِ رغد ، و أنا وليد !
من أنت ؟ "
" رغد "
" عظيم ! أنت رغد ! أنا وليد ! هيا قولي وليد ! قولي أنت وليد ! "
كانت تراقب حركات شفتيّ و لساني ، إنها طفلة نبيهة على ما أظن .
و كنت مصرا جدا على جعلها تنطق باسمي !
" قولي : أنــت ولـيـــد ! ولــيـــــــد ...
قولي : وليد ... أنت ولـــــيـــــــــــــــــد ! "
" أنت لــي " !!
كانت هذه هي الكلمة التي نطقت بها رغد !
( أنت لي ! )
للحظة ، بقيت اتأملها باستغراب و دهشة و عجب !
فقد بترت اسمي الجميل من الطرفين و حوّلته إلى ( لي ) بدلا من
( وليد ) !
ابتسمت ، و قلت مصححا :
" أنت وليــــــــد ! "
" أنت لـــــــــــي "
كررت جملتها ببساطة و براءة !
لم أتمالك نفسي ، وانفجرت ضحكا ....
و لأنني ضحكت بشكل غريب فإن رغد أخذت تضحك هي الأخرى !
و كلما سمعت ضحكاتها الجميلة ازدادت ضحكاتي !
سألتها مرة أخرى :
" من أنا ؟ "
" أنت لــــــــي " !
يا لهذه الصغيرة المضحكة !
حملتها و أخذت أؤرجحها في الهواء بسرور ...
منذ ذلك اليوم ، بدأت الصغيرة تألفني ، و أصبحت أكبر المسؤولين عن تهدئتها متى ما قررت زعزعة الجدران بصوتها الحاد ....