الموضوع: مجلة بني لام
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2006, 01:42   #16
بن غزي
ضيف


الصورة الرمزية بن غزي

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
رد : مجلة بني لام



تاريخ
( الحملة العسكرية ضد قبيلة بني لام )

تنتسب هذه القبيلة إلى لام بن عمرو من سلالة طي بن كهلان ومنه إلى قحطان، وعليه فإن قبيلة بني لام تعد من القبائل الطائية القحطانية، والمعروف أن بني لام وردوا العراق من الجزيرة العربية وكانوا في بدايتهم يتنقلون كبدو رحل غرب الفرات بين البصرة والكوفة، وبعد مدة عبروا نهر الفرات وأخذوا يتنقلون في مراعي غرب دجلة ومن ثم تحولوا إلى الجانب الشرقي من النهر وأخذوا يتنقلون في المناطق الرعوية بين شواطئ دجلة الشرقية وسفوح جبال بشتكوه، وكان ذلك قبل تحول مجرى دجلة من مجراه القديم الذي كان يمر بمدينة واسط إلى مجراه الشرقي الجديد الذي قامت عليه مدينة العمارة.
في تلك العصور كان بنو لام يتبعون أمراء المنتفك ويعملون لهم في جمع الخراج، وهذا مؤشر مهم إلى مدى امتداد سلطة المنتفك في تلك الحقب التاريخية والتي كانت تشمل عشائر الجنوب بين الفرات ودجلة. ولكن بعد حين دخل بنو لام تحت نفوذ أمراء الحويزة وأخذوا يعملون لهم مما يشير إلى نمو سلطة السادة المشعشعين وامتدادها إلى تلك المناطق.
وفي حدود سنة 931هـ (1521م) عين أمير الحويزة المولى بركات الأول شيخ بني لام حافظ بن برّاك حاكماً على منطقة ما يسمّى بالجزيرة الواقعة شمال منطقة الحويزة ومنذ عهد الشيخ برّاك تمكن بنو لام بسط نفوذهم على القبائل المجاورة. ومن الجدير بالملاحظة أن تعاظم نفوذ بني لام في تلك المنطقة تزامن مع تحول مجرى دجلة نحو مجراه الشرقي الحالي الذي حدث في مطلع القرن السادس عشر الميلادي، وهذا مثل آخر يظهر لنا أهمية تحول مجاري الأنهار في حياة عرب العراق، لأن تحول دجلة إلى مجراه الشرقي حوّل قسماً كبيراً من أراضي بني لام الرعوية إلى مناطق زراعية، فكانت تلك البداية لاستقرار تلك العشائر والتحول من حالة البداوة إلى حالة الزراعة أي من حالة اللاّإنتاج إلى حالة الإنتاج الزراعي.
مع تلك التحولات الاقتصادية والاجتماعية زادت ثروات القبيلة الزراعية والحيوانية وكذلك زادت الأموال التي كانت تجبى من العشائر المتحالفة معهم والتي هي الأخرى كانت قد استفادت من تلك الظاهرة، وهذا مكّن بني لام من بسط نفوذهم على مناطق جديدة وتوسيع تحالفاتهم العشائرية. وبمرور الأيام وبعد فترة وجيزة نسبياً تمكن بنو لام من إقامة إمارة مستقلة عن نفوذ السادة المشعشعين أمراء الحويزة، وعن سلطة المنتفك.
في العهد العثماني خاض بنو لام معارك ناجحة ضد عشائر المنتفك وأزاحوهم من الجانب الشرقي من نهر دجلة. ثم خاضوا بعد ذلك معارك عنيفة ضد أمراء الحويزة السادة المشعشعين وانتصروا عليهم في معركة حاسمة أسروا فيها أمير المشعشعين نفسه بعد أن أبادوا قرابة عشرين ألف من مقاتليه، ولكنهم أطلقوا سراح "المولى المشعشع" بعد انتهاء المعركة وأعادوه بكل إجلال واحترام إلى عاصمته بالحويزة.
بعد حروبهم الناجحة ضد قبائل المنتفك وضد قبائل الحويزة أصبحت حدود إمارة بني لام تشمل مناطق دجلة من الكوت شمالاً وتمتد جنوباً لتشمل جميع مناطق العمارة بما فيها مناطق الأهوار التي كانت تتخللها مساحات شاسعة من المناطق الزراعية وبساتين النخيل. وكانت عشائر تلك المناطق التي دخلت تحت سيطرة بني لام تلتزم منهم تلك المناطق الزراعية والبساتين وتدفع لرؤسائهم بدلات التزام متّفق عليها.
استمرت سيطرة بني لام على تلك المناطق لعدة قرون، ولكن بعد ظهور ألبو محمد خرجت من سيطرتهم مناطق العمارة، فقد خاض ألبو محمد في عصور لاحقة معارك طاحنة ضد بني لام وتمكنوا من الاستقلال عن سلطتهم، وتكوين إمارة ألبو محمد في مناطق العمارة وذلك في حدود النصف الأول من القرن التاسع عشر (1841م).(1)
كانت المناطق التي يسيطر عليها بنو لام واسعة وصعبة الوصول، وتلك مزيّة عسكرية ساعدتهم على عدم الخضوع للعثمانيين منذ بداية احتلالهم للعراق. فقد خاضوا عبر العصور حروباً طاحنة ضد السلطات العثمانية مستفيدين من سعة أراضي الجزيرة التي تمتد إلى سفوح جبال بشتكوه داخل الحدود الإيرانية، ومن عمق ومنعة الأهوار التي كانوا يتحصنون بها أحياناً. ولذلك كان بنو لام يمتنعون طيلة تلك العهود عن دفع الرسوم إلى السلطات العثمانية، ويديرون شؤونهم بصورة مستقلة عن حكومة بغداد، وبين فترة وأخرى كان بنو لام والعشائر المتحالفة معهم يشنون الغارات على ولاية بغداد والبصرة ويقطعون طرق الملاحة النهرية في دجلة بين بغداد والبصرة ويحرضون قبائل المنتفك ويساهمون أحياناً معهم في شن الغارات على البصرة. أما من ناحية الشمال فقد كانوا يشنون الغارات على منطقة مندلي وديالى وأحياناً كانت تصل غاراتهم الأطراف الجنوبية لمدينة بغداد. وقد انتهى القرن السابع عشر وبنو لام هذا حالهم مع السلطات العثمانية حتى ورود حسن باشا بغداد في سنة 1704م.
حشد حسن باشا قواته العسكرية وتحرك جنوبا نحو ديار بني لام، ويبدو أنهم كانوا على علم بتحرك الوزير ضدهم بجيشه الجرار المزود بالمدافع الضخمة والأسلحة الفتاكة، فانسحبوا بأموالهم وممتلكاتهم وتواروا عن الأنظار، أرسل الوزير دوريات عديدة للبحث عنهم وحصل على معلومات تفيد بأنهم أخفوا نساءهم وأطفالهم في بعض مضائق جبال اللر الفيلية وتركوا البعض من مقاتليهم لحمايتهم، بينما كمن الباقون في ممرات الجبل. توجه الوزير إليهم بجيشه وما أن اقتربت منهم طلائع الجيش حتى ظهروا فجأة والتحموا معها في قتال شديد، ولكن تفوق نيران جيش الوزير اضطرتهم إلى الهروب والاحتماء بجبال اللر الفيلية. ولكن الوزير تتبعهم رغم كل الصعاب وقام بالاستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم وعاد إلى بغداد محملاً بتلك الأموال المنهوبة(2).
وجد حسن باشا بعد الانتصار على بني لام، أن قواته العسكرية أصبحت جاهزة لمحاربة عرب الفرات الأوسط وكسر شوكتهم.
***************************
(1) تاريخ ميسان وعشائر العمارة – جبار عبد الله الجويبراوي ص88-ص99)
(2) عباس العزاوي - تاريخ العراق بين احتلالين، ج5ص162


 

رد مع اقتباس