عرض مشاركة واحدة
قديم 19-06-2005, 09:48   #2
خالد الحمد
ضيف


الصورة الرمزية خالد الحمد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


أقوال السلف في رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه:

وقد اختلف السلف في رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه: فذهبت عائشة وابن مسعود الى إنكارها، واختلف عن أبي ذر، وذهب جماعة الى إثباتها. وحكى عبدالرزاق عن معمر عن الحسن أنه حلف أن محمدا رأى ربه. وأخرج ابن خزيمة عن عروة بن الزبير إثباتها، وكان يشتد عليه إذا ذكر له إنكار عائشة، وبه قال سائر أصحاب ابن عباس، وجزم به كعب الأحبار والزهري وصاحبه معمر وآخرون، وهو قول الأشعري وغالب أتباعه. ثم اختلفوا: هل رآه بعينه أو بقلبه؟ وعن أحمد كالقولين:

قلت: جاءت عن ابن عباس أخبار مطلقة وأخرى مقيدة، ثيجب حمل مطلقها على مقيدها. فمن ذلك ما أخرجه النسائي بإسناد صحيح وصححه الحاكم أيضا، من طريق عكرمة عن ابن عباس: ( هل رأى محمد ربه؟ فأرسل اليه: أن نعم) ومنها ما أخرجه مسلم من طريق أبي العالية عن ابن عباس في قوله تعالى:{ ما كذب الفؤاد ما رأى. ولقد رآه نزلة أخرى}ْ قال: ( رأى ربه بفؤاده مرتين). وله من طريق عطاء عن ابن عباس قال: (رآه بقلبه). وأصرح من ذلك ما أخرجه ابن مردويه من طريق عطاء أيضا عن ابن عباس قال: ( لم ريه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعينه، إنما رآه بقلبه).

وعلى هذا، فيمكن الجمع بين غثبات إبن عباس وبين نفي عائشة، لان يحمل نفيها على رؤية البصر، وإثباته على رؤية القلب. ثم المراد برؤية الفؤاد: رؤية القلب، لا مجرد حصول العلم، لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان عالما بالله على الدوام، بل مراد من أثبت له انه رآه بقلبه، أن الرؤية التي حلصلت له خلقت في قلبه كما يخلق الرؤية بالعين لغيره. والرؤية لا يشترط لها شيء مخصوص عقلا، ولوجرت العادة بخلقها في العين.

وروى ابن خزيمة بإسناد قوي عن أنس قال: (رأى محمد ربه). وعن مسلم من حديث أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك فقال: (نور أني أراه) ولأحمد عنه قال: " رأيت نورا" ولابن خزيمة عنه قال:" رآه بقلبه ولم يره بعينه". وبهذا يتبين مراد أبي ذر بذكره النور، أيب النور حال بين رؤيته له ببصره وقد رجح القرطبي في "المفهم" قول الوقف في هذه المسألة، وعزاه لجماعة من المحققين، وقواه بأنه ليس في الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل. قال: وليست المسألة من العمليات فيكتفي بالأدلة الظنية، وإنما هي من المعتقدات فلا يكفي فيها الا بالدليل القطعي وجنح ابن خزيمة في " كتاب التوحيد" الى ترجيح الاثبات وأطنب في الاستدلال له بما يطول ذكره، وحمل ما ورد عن ابن عباس، على أن الرؤيا وقعت مرتين: مرة بعينه ومرة بقلبه، وفيما أوردته من ذلك فقنع.

وممن أثبت الرؤية لنبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم الإمام أحمد، فروى الخلال في "كتب السنة" عن المروزي: قلت لأحمد: إنهم يقولون: إن عائشة قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. فبأي شيء يدفع قولها؟ قال: يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:" رأيت ربي" قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكبر من قولها.

وقد أنكر صاحب "الهدى" على من زعم أن أحمد قال: رأى ربه بعيني رأسه قال: وإنما قال مرة: رأى محمد ربه، وقال مرة: بفؤاده. وحكى عن بعض المتأخرين رآه بعيني رأسه. وهذا من تصرف الحاكي، فإن نصوصه موجودة. ثم قال: ينبغي ان يعلم الفرق بين قولهم: كان الاسراء مناما، وبين قولهم: كان بروحه دون جسده فإن بينهما فرقا فإن الذي يراه النائم يكون حقيقة بأن تصعد الروح مثلا الى السماء، وقد يكون من ضرب المثل أن يرى النائم ذلك وروحه لم تصعد أصلا. فيحتمل من قال: أسرى بروحه ولم يصعد جسده، أراد أن روحه عرج بها حقيقة فصعدت ثك رجعت، وجسده باق في مكانه خقا للعادة. كما أنه في تلك الليلة شق صدره والتأم وهو حي يقظان، لا يجد بذلك ألما. انتهى.

وظاهر الأخبار الواردة في الإسراء تأبى الحمل على ذلك، بل أسرى بجسده وروحه ، وعرج بهما حقيقة، في اليقظة لا مناما ولا استغراقا، والله أعلم.

قال الحافظ رحمه الله: ولمسلم عن مسروق أنه أتاه في هذه المرة [يعني جبريل] في صورته التي هي صورته، فسد أفق السماء. وله في رواية داود ابن أبي هند:" رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض" وللنسائي من طريق عبدالرحمن بن يزيد عن ابن مسعود: ابصر جبريل ولم يبصر به".

وأخرجه البخاري عن زر عن عبدالله ـ يعني ابن مسعود:{ فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الى عبده ما أوحى} قال ـ يعني زرا: حدثنا ابن مسعود: أنه رأى جبريل له ستمائة جناح.

وأخرج عنه أيضا: { لقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال: رأى رفرفا أخضر قد سد الأفق.

قال الحافظ رحمه الله: هذا ظاهره يغاير التفسير السابق أنه رأى جبريل، ولكن يوضح المراد ما أخرجه النسائي والحاكم من طريق عبدالرحمن بن يزيد عن عبدالله بن مسعود قال: ( أبصر نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل عليه السلام على رفرف، قد ملأ ما بين السماء والأرض). فيجتمع من الحديثين ان الموصوف جبريل، والصفة التي كان عليها.

وفي رواية أحمد والترمذي وصححها من طريق عبدالرحمن بن يزيد عن ابن مسعود ( رأى جبريل في حلة من رفرف، قد ملأ ما بين السماء والأرض).

وبهذه الرواية يعرف المراد بالرفرف، وأنه حلة. ويؤيده قوله تعالى:{ متكئين على رفرف} وأصل الرفرف: ما كان من الديباج رفيقا حسن الصنعة، ثم اشتهر استعماله في الستر، وكان ما فضل من شيء وثنى فهو رفرف. ويقال: رفرف الطائر بجناحيه: إذا بسطهما. وقال بعض الشراح: يحتمل أن يكون جبريل بسط أجنحته، فصارت تشبه الرفرف. كذا قال، والرواية التي أوردتها توضح المراد.


 

رد مع اقتباس