عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 19-06-2005, 09:46
خالد الحمد
ضيف
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية :
 فترة الأقامة : 19869 يوم
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
بيانات اضافيه [ + ]
هل رائ النبي /ص/ ربه في المعراج؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



هل رأى النبي ربه؟



هل رأى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه ليلة الإسراء؟

وقع في رواية سريك المذكورة أولا قوله:" حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا رب العزة فتدلى، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله فيما أوحى: خمسين صلاة على أمتك.. " الحديث.

وأخرج البخاري عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه هل رأى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب. ثم قرأت:{ لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير}، { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب}.

ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب. ثم قرأت:{ وما تدري نفس ماذا تكسب غدا}. ومن حدثك أنه كتم فقد كذب. ثم قرأت:{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك} الآية.

ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين.

قال الحافظ رحمه الله. ووقع في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبري " فدنا ربك عز وجل، فكان قاب قوسين أو أدنى". قال: الخطابي: ليس في هذا الكتاب ـ يعني "صحيح البخاري" ـ حديث أشنع ظاهرا ولا أشنع مذاقا من هذا الفضل، فإنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر، وتمييز ما كان كل واحد منهما. هذا، الى ما في التدلي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق الى أسفل.

قال: فمن لم يبلغه من هذا الحديث إلا هذا القدر مقطوعا عن غيره. ولم يعتبره بأول القصة وآخرها، اشتبه عليه وجهه ومعناه. وكان قصاراه إما رد الحديث من أصله، وإما الوقوع في التشبيه. وهما خطئان مرغوب عنهما. وأما من اعتبر أول الحديث بآخره، فإنه يزول عنه الإشكال، فإنهما مصرح فيهما بأنه كان رؤيا، لقوله في أوله: (وهو نائم)، في آخره: (استيقظ). وبمعنى الرؤيا مثل يضرب. ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله. وبعض الرؤيا لا يحتاج الى ذلك، بل يأتي كالمشاهدة.

قلت وهو كما قال: ولا التفات الى تعقب كلامه بقوله في الحديث الصحيح: " إن رؤيا الأنبياء وحي"، فلا يحتاج الى تعبير، لأنه كلام من لم يمعن النظر في هذا المحل، (فإن) بعض مرأى الأنبياء يقبل التعبير: ومن أمثلة ذلك قول الصحابة له صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رؤية القميص: فما أولته يا رسول الله؟ قال:"الدين". وفي رؤية اللبن؟ قال:" العلم" الى غير ذلك.

لكن جزم الخطابي بأنه كان في المنام متعقب بما تقدم تقريره قبل. ثم قال الخطابي مشيرا الى رفع الحديث من أصله: بأن القصة بطولها إنما هي حكاية يحكيها أنس من تلقاء نفسه، لم يعزها الى النبي صلى الله عليه ولى آله وسلم، ولا نقلها عنه، ولا أضافها الى قوله. فحاصل الأمر في النقل، أنها من جهة الراوي: إما من أنس وإما من شريك، فإنه كثير التفرد بمناكير الألفاظ التي لا يتابعه عليها سائر الرواة. انتهى.

وما نفاه من أن أنسا لم يسند هذه القصة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا تأثير له، فأدنى أمره فيها أن يكون مرسل صحابي، فإما يكون تلقاه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو عن صحابي تلقاه عنه، ومثيل ما اشتملت عليه لا يقال بالرأي، فيكون لهما حكم الرفع. ولو كان لما ذكره تأثير، لم يحمل حديث أحد ويمثل ذلك على الرفع أصلا، وهو خلاف عمل المحدثين قاطبة فالتعليل بذلك مردود.

ثم قال الخطابي: إن الذي وقع في هذه الرواية من نسبة التدلي للجبار عز وجل مخالف لعامة السلف والعلماء وأهل التفسير، ومن تقدم منهم ومن تأخر قال: والذي قيل فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه دنا جبريل من محمد صلى الله عليه وعلى آله فتدلى: أي تقرب منه. وقيل: هو على التقديم والتأخير، أي تدلى فلانا، لأن التدلي بسبب الدنو.



الثاني: تدلى له جبريل بعد الانتصاب والارتفاع، حتى رآه متدليا كما رآه مرتفعا، وذلك من آيات الله، حيث أقدره على أن يتدلى في الهواء من غير اعتماد على شيء ولا تمسك بشيء.

الثالث: دنا جبريل فتدلى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ساجدا لربه تعالى: شكرا على ما أعطاه.

قال: وقد روى هذا الحديث عن أنس من غير طريق شريك فلم يذكر فيه هذه الألفاظ الشنيعة، وذلك مما يقوي الظن أنها صادرة من جهة شريك وقد أخرج الأموي في "مغازيه"، ومن طريقه البيهقي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عباس في قوله تعالى:{ ولقد رآه نزلة أخرى} قال: فدنا منه ربه" وهذا سند حسن، وهو شاهد قوي لرواية شريك. ثم قال الخطابي: في هذا الحديث لفظة أخرى تفرد بها شريك أيضا لم يذكرها غيره، وهي قوله: (فعلا به ـيعني جبريل ـ الى الجبار تعالى فقال وهو مكانه: يا رب خفف عنا). قال: والمكان لا يضاف الى الله تعالى، إنما هو مكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مقامه الأول، الذي قام فيه قبل هبوطه. انتهى.

وهذا الأخير متعين، وليس في السياق تصريح بإضافة المكان الى الله تعالى. وأما ما جزم به به من مخالفة السلف والخلف لرواية شريك عن أنس في التدلي ففيه نظر، فقد ذكرت من وافقه.

وقد نقل القرطبي عن ابن عباس أنه قال: ( دنا الله سبحانه وتعالى) (قال: والمعنى: دنا أمه وحكمه، وأصل التدلي النزول الى الشيء حتى يقرب منه. قال: وقد قيل: تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ربه. انتهى.

والمراد بقوله: (رآه) أن النبي صلى الله عليه على آله وسلم رأى جبريل، له ستمائة جناح، (وسيأتي) بسط القول في ذلك. ونقل البيهقي نحو ذلك عن أبي هريرة. قال: فاتفقت روايات هؤلاء على ذلك، ويعكرعليه قوله بعد ذلك:{ فأوحى الى عبده ما أوحى}. ثم نقل عن الحسن: أن الضمير في {عبده} لجبريل، والتقدير: فأوحى الله الى جبريل. وعن الفراء: التقدير: فأوحى الله الى عبدالله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما أوحى. وقد أزال العلماء اشكاله. فقال القاضي عياض في "الشفاء":

إضافة الدنو والقرب الى الله تعالى، أو من الله ليس دنو مكان ولا قرب زمان، وإنما هو بالنسبة الى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. إبانة لعظيم منزلته وشريف رتبته، وبالنسبة الى الله عز وجل تأنيس لنبيه وإكرام له. ويتأول فيه ما قالوه في حديث:" ينزل ربنا الى السماء".

وكذا في حديث:" من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا". وقال غيره الدنو مجاز عن القرب المعنوي، لإظهار عظيم منزلته عن ربه تعالى، والتدلي طلب زيادة القرب، (وقاب قوسين) بالنسبة الى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبارة عن لطف المحل وإيضاح المعرفة، وبالنسبة الى الله إجابة سؤاله ورفع درجته.

وقال عبدالحق في "الجمع بين الصحيحين": زاد فيه ـيعني شريكا ـ زيادة مجهولة وأتى فيه بألأفاظ غير معروفة، وقد روى الاسراء جماعة من الحفاظ، فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ.

وسبق الى ذلك أبو محمد بن حزم، فيما حكاه لحافظ أبو الفضل بن طاهر في جزء جمعه سماه:" الانتصار لأيامي الأمصار". فنقل فيه عن الحميدي عن ابن حزم قال: لم نجد للبخاري ومسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا الا حديثين، ثم غلبه في تخريجه الوهم، مع إتقانهما وصحة معرفتما...

فذكر هذا الحديث وقال: فيه ألفاظ معجمة، والآفة من شريك. ومن ذلك قوله: ( قبل أن يوحى اليه)، وأنه حينئذ فرض الصلاة. قال: وهذا لا خلاف بين أحد من أهل العلم إنما كان قبل الهجرة بسنة، وبعد أن أوحى اليه بنحو اثنتي عشرة سنة. ثم قوله: ( إن الجبار دنا فتدلى) حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى)، وعائشة رضي الله عنها تقول: إن الذي دنا فتدلى جبريل. انتهى.

وقال أبو الفضل بن طاهر: تعليل الحديث بتفرد شريك ودعوى ابن حزم أن الآفة منه، شيء لم يسبق اليه. فإن شريكا قبله أئمة الجرح والتعديل ووثقوه، ورووا عنه، وأدخلوا أحاديثه في تصانيفهم، واحتجوا به. وروى عبدالله بن أحمد الدورقي وعثمان الدرامي وعباس الدوري، عن يحيى بن معين: لا بأس به. وقال ابن عدي: مشهور من أهل المدينة حدث عنه مالك وغيره من الثقات، وحديثه إذا روى عنه ثقة لا بأس به، إلا أن يروي عنه ضعيف. قال طاهر بن طاهر: وحديثه هذا رواه عن ثقة وهو سليمان بن بلال. قال: وعلى تقدير تسليم تفرده: ( قبل أن يوحى اليه) لا يقتضي طرح حديثه، فوهم الثقة في موضع من الحديث، لا يسقط جميع الحديث، ولا سيما إذا كان الوهم لا يستلزم ارتكاب محذور، ولو ترك حديث من وهم في تاريخ لترك حديث جماعة من أئمة المسلمين.

ولعله أراد أن يقول: ( بعد أن وحى اليه) فقال: (قبل أن يوحى اليه).

وقد سبق التنبيه على ما في رواية شريك من المخالفة مسلم في (صحيحه) فإنه قال بعد أن ساق سنده وبعض المتن، ثم قال: فقدم وأخر وزاد ونقص. وسبق ابن حزم أيضا الى الكلام في شريك أبو سليمان الخطابي، كما قدمته. وقال فيه النسائي وأبو محمد بن الجارود: ليس بالقوي. وكان يحيى بن سعد القطان لا يحدث عنه، نعم، قال محمد بن سعد وأبو داود. ثقة. فهو مختلف فيه، فإذا تفرد عد ما يتفرد به شاذا، وكذا منكرا، على رأى من يقول: المنكر والشاذ شيء واحد. والأولى الالتزام ورود المواضع التي خالف فيها غيره والجواب عنها، إما بدفع فرده وإما بتأويله على وفاق الجماعة.

ومجموع ما خالفت فيه رواية شريك غيره من المشهورين عشرة أشياء، بل تزيد على ذلك:

الأول: أمكنة الأنبياء عليهم السلام في السماوات. وقد أفصح بأنه لم يضبط منازلهم، وقد وافقه الزهري في بعض ما ذكر ( يعني في رواية أبي ذر).

الثاني: كون المعراج قبل البعثة. وقد سبق الجواب عن ذلك. وأجاب بعضهم على قوله: ( قبل أن يوحى اليه)، بأن القبلية هنا أمر مخصوص وليست مطلقة، واحتمل أن يكون المعنى: قبل أن يوحى اليه في شأن الاسراء والمعراج مثلا، أي ذلك وقع بغتة قبل أن ينذر به، ويؤيده قوله في حديث الزهري ـ يعني حديث أبي ذر ـ :"فرج سقف بيتي".

الثالث: كونه مناما. وقد سبق الجواب عنه أيضا بما فيه من غنية.

الرابع: مخالفته في محل سدرة المنتهى، وأنها فوق السماء السابعة بما لا يعلمه الا الله، والمشهور أنها في السابعة أو السادسة كما تقدم.

الخامس: مخالفته في النهرين، وهما النيل والفرات، وأن عنصرهما في السماء الدنيا، والمشهور في غير روايته أنهما في السماء السابعة، وأنهما من تحت سدرة المنتهى.

السادس: شق الصدر، وقد وافقته رواية غيره، كما بينت في شرح رواية قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة.

السابع: ذكر نهر الكوثر في السماء الدنيا. والمشهور في الحديث أنه في الجنة كما تقدم التنبيه عليه.

الثامن: نسبة الدنو والتدلي الى الله عز وجل. والمشهور في الحديث أنه جبريل كما تقدم التنبيه عليه.

التاسع: تصريحه بأن امتناعه صلى الله علي وعلى آله وسلم من الرجوع الى سؤال ربه التخفيف كان عند الخامسة. ومقتضى رواية ثابت عن أنس أنه كان بعد التاسعة.

العاشر: قوله: (فعلا به الجبار، فقال وهو مكانه) وقد تقدم ما فيه.

الحادي عشر: رجوعه بعد الخمس. والمشهور في الأحاديث أن موسى عليه الصلاة والسلام أمره بالرجوع بعد أن انتهى التخفيف الى الخمس، فامتنع. (والمحفوظ أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لموسى في الأخيرة:" استحييت من ربي" وهذا أصرح بأنه راجع في الأخيرة.

الثاني عشر: زيادة ذكر "التور" في الطست.

فهذه أكثر من عشرة مواضع في هذا الحديث أنا لم أرها مجموعة في كلام أحد مما تقدم، وقد بينت في كل واحد إشكال ما استشكله والجواب عنه إن أمكن، وبالله التوفيق.

وقد جزم ابن القيم في "الهدى" بأن في رواية شريك عشرة أوهام، لكن عد مخالفته لمحال الأنبياء أربعة منها، وأنا جعلتها واحدة. فعلى طريقته تزيد العدة ثلاثة. وبالله التوفيق.




رد مع اقتباس