عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-04-2009, 07:42
إيمان الجراي
إيمان الجراي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 54
 تاريخ التسجيل : 03 2019
 فترة الأقامة : 1880 يوم
 أخر زيارة : 15-08-2021 (02:36)
 المشاركات : 7,923 [ + ]
 معدل التقييم : إيمان الجراي
بيانات اضافيه [ + ]
موضوع الغفله هي من تقتل القلوب عن هذه الساعه







ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكثر موت الفجأة بين الناس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أمارات الساعة – وذكر منها – أن يظهر موت الفجأة)) رواه الطبراني في الصغير .. وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن، حيث كثر في الناس موت الفجأة. لقد كان في الماضي يشعر الرجل ويحس بمقدمات الموت، ويبقى لأيام مريضاً، يعرف أن هذا مرض الموت، فيكتب وصيته، ويودع أهله، ويوصي أولاده، بل ويقبل على ربه، ويتوب مما سلف منه، ويبدأ في ترديد الشهادة، ليُختم له بها. أما الآن، فترى الرجل صحيحاً معافى، لا يشتكي من شيء البتة، ثم تسمع خبر وفاته فجأة، وهذا ما يسمى في الوقت الحاضر بالسكتة القلبية. ومثله الحوادث المفاجأة، التي يهلك بها الناس فجأة، فإذا كان الأمر كذلك، فعلى العاقل أن يتنبه لنفسه، ويرجع ويتوب إلى ربه، لتكن مستعداً أخي الحبيب لموت الفجأة، كم من رجل كبّر تكبيرة الإحرام، ولم يُسلم منها. ولهذا كان الإمام البخاري رحمه الله يقول:


اغتنم في الفـراغ فضـل ركـوع فعسى أن يكون موتك بغتة

كم من صحيح رأيتُ من غير سقيم ذهبت نفسه الصحيحة فلته


لا يدري الإنسان متى يفجؤه الأجل ولا أشد وأعظم على الميت وأهله من إتيان الموت له فجأة ، وهو في كامل صحته وعنفوان قوته ، وتمام نشاطه ، ومع تزايد النعم والعيش الرغيد ، لم يحسب للموت حسابه ولم يظن أهله أن ينزل عليه الموت ، فإذا هم به قد سقط ميتا لا حراك به فكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر ، ولهذا من الغفلة أن يلهو الإنسان عن الموت وعن الاستعداد له فيقصر في الواجبات ويقع في السيئات ويأخذ حقوق الناس بغير حق بل بالظلم والبهتان ويتعدى على الغير في مال أو عرض أو نفس ، يؤذي المسلمين والجيران ، يأكل حقوق الإجراء والخدم ، يظلم الزوجة والأولاد ، وربما وقع الظلم من الأجير لمن استأجره ، فكم من الناس من نسي الموت ولم يخطر له على بال ، بل وتراه في أكمل أحواله صحة ونشاطا وعافية ومالا ، فلا يلبث أن يأتيه الموت فجأة فلا يتمكن من تدارك نفسه ومن التوبة إلى الله والتحلل من المظالم ، فربما لقي ربه محملاً بالأوزار والآثام ، فلنكن عباد الله على حذر من هذا ، ولنتدارك النفس قبل فوات الأوان وإن كثيرا من الناس في هذا الزمان استولى عليهم حب المال والجاه والمناصب ، حتى ضيعوا حياتهم لهواً ولعباً ، وللمال جمعاً وحباً ، نسوا هادم اللذات ومفرق الجماعات ، وربما قصروا في كثير من الواجبات ووقعوا في كثير من المخالفات ، وارتكبوا كثيرا من المنهيات والمحرمات ، " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون " ، فلله در أقوام علموا قرب الرحيل فهيئوا الزاد للسفر الطويل ، قاموا بما أمر الله وتركوا ما نهى عنه ، هونوا الدنيا فقنعوا منها بما حضر ، واستوثقوا بقفل التقوى واستعدوا للسفر ، وحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا ، لما احتضر سليمان التيمي قيل له : أبشر فقد كنت مجتهداً في طاعة الله ، فقال : لا تقولوا هكذا ، فإني لا أدري ما يبدوا لي من الله عز وجل ، فإنه سبحانه يقول : { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } ، وكم من الناس اليوم من يعمل الموبقات ، ويجترح المهلكات ولا يعبأ بالسيئات ، وكل مسجل في صحيفته يوم الجزاء والحساب ، إذا نشرت الدواوين وتطايرت الصحف ، وفتحت السجلات للفصل والقضاء ، ألا فاعلموا عباد الله أن العاصي لو عصى مخلوقاً لجزع من لقائه ، فكيف بمن يعصي الخالق جل جلاله ، فكيف يلقى خالقه محملاً بأوزاره وآثامه ، بكى محمد بن المنكدر عند الوفاة ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : والله ما أبكي لذنب أعلم أني أتيته ، ولكن أخاف أني أتيت شيئاً حسبته هيناً وهو عند الله عظيم ، وكم من المسلمين اليوم من يجاهر بالمعاصي العظام والكبائر الجسام جهاراً نهاراً ، بلا خوف ولا حياء من جبار الأرض والسماء ، ربا وزنا ولواط ومخدرات ، دخان ومسكرات ، مشاهدة للقنوات ، سماع للأغاني الماجنات ، وتحلق حول المسلسلات الفاضحات ، والطامة العظمى ، والمصيبة الكبرى ، هجران كثير من المسلمين للصلوات ، وعقوق للوالدين ، وقطيعة للأرحام ، قال عبدالله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه ، فقال : ضع رأسي على الأرض ؟ فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟!فقال : لا أم لك , ضعه على الأرض ، فقال عبدالله : فوضعته على الأرض ، فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل ، هذا عمر الفاروق رضي الله عنه مبشر بالجنة ويقول ما قال ، فكيف بمن لم يبلغ شيئاً من منزلته ، لهو أعظم أن يخشى ربه ، ويراقبه في كل تصرفاته وحركاته .

أن الدنيا، دار بلاء وابتلاء، وامتحان واختبار، لذلك قدر الله فيها الموت والحياة، وهي مشحونة بالمتاعب، مملوءة بالمصائب، طافحة بالأحزان والأكدار، يزول نعيمها، ويذل عزيزها، ويشقى سعيدها، ويموت حيها، مزجت أفراحها بأتراح، وحلاوتها بالمرارة، وراحتها بالتعب، فلا يدوم لها حال، ولا يطمئن لها بال

(اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت). فمن قال هذا الدعاء حين يمسي ثم مات دخل الجنة، ومن قاله حين يصبح ثم مات دخل الجنة [رواه البخاري].






رد مع اقتباس